«عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا».. هذه عبارة من مأثوراتها والتى تشى بقوتها الروحية في تحدى الإعاقة فملأت الدنيا وشغلت الناس، إنها هيلين آدمز كيلر واحدة من أبرز رموز الإرادة الإنسانية في مواجهة الإعاقة، فصارت أديبة وخطيبة ومحاضرة وناشطة، ولدت هيلين في ولاية ألاباما الأمريكية، في 27 يونيو عام 1880 وقد صارت عمياء وصماء عندما كان عمرها 19 شهرًا إثر إصابتها بمرض أفقدها السمع والبصر، فكانت تتواصل مع الآخرين من خلال مارتا واشنطن ابنة طباخة العائلة التي بدأت معها لغة الإشارة.
وفي سنة 1886 عرضت على طبيب مختص، فأرسلها إلى ألكسندر جراهام بل الذي كان يعمل آنذاك مع الأطفال الصم، فنصح والديها بإلحاقها بمعهد بركينس لفاقدى البصر. وهناك تم اختيار المعلمة آن سوليفان لتكون معلمة هيلين لتظل بصحبتهاعلى مدى 49 سنة.
وبدأت التواصل معها عن طريق كتابة الحروف في كفها، وفي سنة 1890 طلبت من معلمتها تعليمها الكلام فاستعانت آن بمنهج تادوما عن طريق لمس شفاه الآخرين عند تحدثهم وطباعة الحرف على كفها، ثم تعلمت هيلين طريقة برايل للقراءة، وبعد مرور عام استطاعت دراسة الجغرافيا بواسطة خرائط صنعت على أرض الحديقة، وفي سن العاشرة تعلمت قراءة الأبجدية وأصبح بإمكانها التواصل مع الآخرين.
ثم اصطحبت سوليفان تلميذتها إلى (سارة فولر) رئيسة معهد (هوارس مان) للصم والتى قطعت شوطا تأهيليا مكثفا معها، وبعد فترة طويلة استطاع من حولها أن يفهموا الأصوات التي كانت تصدرها. وأخذت تضاعف تدريبها لتحسين نطقها الذي ازداد وضوحًا إلى أن أتقنت الكتابة، بل كان خطها جميلًا.
ثم التحقت هيلين بمعهد كامبردج للفتيات، وكانت سوليفان تجلس إلى جوارها في الصف لتنقل لها المحاضرات التي كانت تلقى، وأمكنها أن تحصل على البكالوريوس في العلوم عام 1904 وهى في الرابعة والعشرين، وسرعان ما ذاع صيتها، وراحت تنهال عليها الدعوات لإلقاء المحاضرات وكتابة المقالات في الصحف والمجلات.
كرست هيلين بعد ذلك كل جهودها للعمل من أجل المكفوفين، وشاركت في التعليم وكتابة الكتب ومحاولة مساعدة هؤلاء المعاقين، والتحقت بكلية (رادكليف) فدرست النحو وآداب اللغة الإنجليزية، كما درست اللغات الألمانية والفرنسية واللاتينية واليونانية.
ثم توجت جهودها بحصولها على شهادة الدكتوراه في العلوم والفلسفة إلى أن توفيت في «زي النهارده» في 1 يونيو عام 1968 عن 88 عامًا.