بين فيرمونت وماريوت: التزوير العلنى للتاريخ

أنور الهواري الجمعة 29-05-2015 20:53

في فيرمونت 22 يونيو 2012م، ذهبت القوى الثورية تتجرع العلقم، وتتحالف مع الشيطان، كانت تعلم أنها تتجرع العلقم، وكانت على يقين أنها تتحالف مع الشيطان، فذهبت للقاء من ترجح لديها أنه الفائز بالرئاسة، وقدمت له بياناً من ست نقاط، وافق عليها، ثم أثبتت الأيام أن مذاق الإخوان أشدُّ مرارةً من العلقم، وأن انتهازيتهم وغدرهم تجعل التحالف مع الشيطان الأصلى عملاً من الأعمال الصالحة.

بعد جلوسه على مقعد الرئاسة رفض الرجل- الذي لم يكن يملك من أمره ولا من أمر منصبه شيئاً- أن يستجيب بالوفاء لما سبق أن وقع عليه وتعهد به، حتى إذا صدر الإعلان الدستورى في 22 نوفمبر 2012م، كانت النقطة الفاصلة بين القوى الثورية والإخوان، وعلى مدى ما يزيد على مائتى يوم، كانت مجموعة فيرمونت مع قوى الشباب والنشطاء هم الطليعة الوطنية في المواجهة الصلبة مع الديكتاتورية الدينية البازغة، التي ثبت أن الإخوان قد عقدوا العزم عليها، هذه المجموعة وهذه القوى بادرت- علناً- بالاعتذار عن لحظة أحسنت فيها الظن بأن ذيل الإخوان من الممكن أن ينعدل، ولم تقف عند حدود الاعتذار، بل بادرت بتقديم القيادة النشطة لحركة احتجاج واسعة شملت المرأة والشباب والطبقة الوسطى في الريف والحضر، هذه القيادة كانت هي جوهر ما عُرف بعد ذلك بثورة 30 يونيو، ولولا هذه القيادة ما كانت 30 يونيو عثرت لنفسها على غطاء الشرعية، ولولا هذه القيادة ما اكتسبت 30 يونيو طابعها الثورى والمدنى والوطنى والأخلاقى، قبل أن تزحف عليها القوى القديمة من مخلفات الدولة والمجتمع.

في ماريوت 22 يونيو 2013م، عقدت هذه المجموعة مؤتمرا يبحث في كيفية إدارة الدولة والمجتمع بعد رحيل مرسى، كان العنوان شديد الحسم وشديد الاختصار: ما بعد الرحيل، واليقين- بالمعنى التاريخى- بأن مؤتمر ماريوت جاء تصويباً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض لما وقعت فيه هذه المجموعة من أخطاء غير مقصودة، حين أحسنت بعض الظن بالإخوان في لقاء فيرمونت قبل عام بالتمام والكمال، أي في 22 يونيو 2012م. والمؤكد: أن إعلان رحيل مرسى عن قصر الرئاسة قد صدر عن هذا المؤتمر، وصدر عن هذه المجموعة، ولولا ذلك لكان من عاشر المستحيلات أن نتمكن من إعلان خريطة الطريق في اليوم المشهود 3 يوليو 2013م.

ومن باب التذكير بحقائق التاريخ التي تتعرض للتزوير الفاضح، نذكّر بما يلى:

رقم واحد: مطالب مجموعة فيرمونت، التي قبل بها ثم غدر بها وبهم الإخوان، كانت من ست نقاط:

النقطة الأولى: التأكيد على الشراكة الوطنية والمشروع الوطنى الجامع، الذي يعبر عن أهداف الثورة، وعن جميع أطياف ومكونات المجتمع بما فيها المرأة والأقباط والشباب.

النقطة الثانية: أن يضم الفريق الرئاسى وحكومة الإنقاذ الوطنى جميع التيارات الوطنية، ويكون رئيس هذه الحكومة شخصية وطنية مستقلة.

النقطة الثالثة: تكوين فريق إدارة أزمة يتكون من رموز وطنية للتعامل مع الوضع الحالى وضمان استكمال إجراءات تسليم السلطة للرئيس المنتخب وفريقه الرئاسى وحكومته بشكل كامل.

النقطة الرابعة: رفض الإعلان الدستورى المكمل، الذي يؤسس لدولة عسكرية، ويسلب الرئيس صلاحياته، ويستحوذ على السلطة التشريعية، ورفض القرار الذي اتخذه المجلس العسكرى بحل البرلمان الممثل للإرادة الشعبية، وكذلك رفض قرار تشكيل مجلس الدفاع الوطنى.

النقطة الخامسة: السعى لتحقيق التوازن في تشكيل الجمعية التأسيسية، بما يضمن صياغة مشروع دستور لكل المصريين.

النقطة السادسة: الشفافية والوضوح مع الشعب في كل ما يستجد من متغيرات تشهدها الساحة السياسية.

آخرُ الكلام: ليس عيباً أن تنخدع في السياسة، فهذا وارد مثلما حدثت الخديعة بعد الانتخابات الرئاسية في 2012م، بل ليس عيباً أن تتكرر الخديعة مثلما حدث بعد انتخابات الرئاسة 2014م، المهم أن نتعلم من أخطائنا، ولايزال أمامنا طريق طويل.