ماذا ينتظر الرئيس فى ألمانيا؟

داليا زيادة الخميس 28-05-2015 21:50

أكتب لكم من برلين، حيث أشارك منذ أسبوع مع وفد من الدبلوماسية الشعبية، برئاسة الوزير محمد العرابى، يضم قامات حقوقية وسياسية ودبلوماسية ودينية، ذات احترام وتأثير، بهدف لقاء ممثلين عن مؤسسات حكومية وغير حكومية وبرلمانيين ورجال أعمال وإعلاميين وسياسيين، من أجل استطلاع الموقف فى ألمانيا على المستويين الشعبى والحكومى، وتوصيل رسائل عن حقيقة الأوضاع ومستقبل الديمقراطية فى مصر، بعيداً عن المراسم البروتوكولية التى ستهيمن على الوفد الرسمى، الذى سيرافق الرئيس السيسى فى زيارته المقررة بعد أيام إلى ألمانيا، بدعوة من المستشارة ميركل، تكررت مرتين بسبب تصريحات غير مسؤولة من رئيس البرلمان، الذى يصفه الغالبية هنا بأنه غاوى شهرة. حيث افتقرت تصريحاته بشأن حقوق الإنسان فى مصر إلى المنطق، وكانت مبنية بالكامل على أكاذيب تصوغها جماعة الإخوان المسلمين فى الإعلام الأوروبى منذ فترة، دون بذل أدنى مجهود من جانبه أو من الفريق العامل معه للبحث فى حقائق الأمور والتدقيق فى صحة المعلومات.

إن زيارة الرئيس السيسى لألمانيا للمرة الأولى منذ توليه الحكم، تعادل فى أهميتها زيارة الرئيس الأولى للولايات المتحدة الأمريكية فى أواخر العام الماضى، لما لألمانيا من أهمية وثقل كبيرين فى المحيط الأوروبى، إما على المستوى الاقتصادى أو السياسى، ولعلها حقيقة معروفة فى العلاقات الدولية أن من يكسب ألمانيا فى صفه يكسب أوروبا كلها.

وكان أكثر ما أسعدنا فى محادثاتنا مع المسؤولين، أننا لمسنا اختلافا إيجابيا واضحا فى موقف ألمانيا من مصر وتفهما كبيرا للظروف الاستثنائية التى نمر بها، خصوصاً مسألة بناء الدولة فى مقابل الحرب على الإرهاب، حيث بدأت العلاقة بين البلدين تأخذ شكل علاقة الصديق والشريك وليس الملقن والمتلقى، خصوصاً بعد اللقاء الذى جمع الرئيس السيسى والمستشارة ميركل، على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادى، مطلع هذا العام، وأيضا المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ.

لقد أصبح لدى ألمانيا تفهم واضح أن مصر هى الحصان الرابح فى مسألتين رئيسيتين هما الاقتصاد والأمن، فقد بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر وألمانيا 4.4 مليار يورو العام الماضى، وهو الأعلى فى تاريخ العلاقة بين البلدين، فضلاً عن صفقة الكهرباء الأخيرة مع شركة سيمنز، التى تصل إلى 12 مليار يورو. بالإضافة لحقيقة أن مصر هى الدولة الوحيدة – ربما فى العالم كله – التى قالت إنها ستحارب الإرهاب والتزمت بذلك، حتى إننا أصبحنا حائط الصد الأول فى مواجهة الإرهاب، ليس فقط بالنيابة عن باقى دول منطقة الشرق الأوسط، ولكن أيضاً بالنيابة عن دول أوروبية أهمها ألمانيا، التى تعانى الآن من المد السلفى الجهادى داخل أراضيها، وظهور شرطة الشريعة فى شوارعها، ونزوح شبابها بالمئات للتجنيد فى التنظيم الإرهابى الأخطر «داعش».

ولهذا نتوقع أن تكون زيارة الرئيس السيسى لألمانيا ناجحة جداً، وستكون بمثابة فتح صفحة جديدة لشكل العلاقات ليس فقط بين ألمانيا ومصر، ولكن بين أوروبا كلها ومصر، رغم كل محاولات الإخوان افتعال حالة رفض وهمية، إما فى وسائل الإعلام التى يسيطرون عليها، أو من خلال مظاهرات، حسب ما علمنا، يحشدون لها بشراء متظاهرين من الجاليات السورية والتركية ليعطوا وهما بأنهم ذوو عدد وتأثير على خلاف الواقع.

daliaziada@gmail.com