«أجنحة الفراشة».. الثورة تبدأ من بين السطور

كتب: ميلاد حنا زكي الثلاثاء 26-05-2015 11:12

«لو أن السلطات المصرية تقرأ الروايات بدل تقارير البوليس ربما ما وقعت فيما وقعت فيه اليوم، وصارت رهينة ميدان التحرير المكتظ بالتويتريين والفيسبوكيين الثائرين الذين لا تكفى السجون لاستيعابهم»، هكذا قال الكاتب الصحفى عبدالرحمن الراشد فى أحد مقالاته اليومية بجريدة «الشرق الأوسط»، عن رواية «أجنحة الفراشة» التى تنبأت أو ربما صادفت ما تخيله مؤلفها الكاتب الكبير محمد سلماوى، بحدوث عاصفة الغضب المصرية يوم 25 يناير2011.

صفة التنبؤ بالثورة التصقت بالرواية فى معظم ما كتب عنها، على الرغم أن مؤلفها محمد سلماوى قال أكثر من مرة إن عمله أديبا نابع من خياله، وأنه فوجئ عندما تحققت أمامه أحداث الرواية فى ميدان التحرير، وأن الأدب والثورة متلازمان، فالأدب ما هو إلا ثورة على الواقع، وإن خيال الإنسان هو الذى يمكنه من تخيل نهاية الطريق وهو مازال فى أوله، وهو الذى يمكنه من التنبؤ بالمستقبل قبل أن يحل.

وأكد «سلماوى» فى إحدى جلساته فى ملتقى القاهرة للرواية، إن ما من ثورة قامت فى العالم إلا ومهد لها المفكرون والأدباء بكتاباتهم، ولولا تلك الكتابات التى نشرت أفكار الثورة من الحرية والعدل والإخاء إلى الديمقراطية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ما قامت الثورات الكبرى فى العالم، مشيرا إلى كتابات فولتير ومونتسكيو، وجان جاك وسو، وديدرو، ورائعة توفيق الحكيم «عودة الروح» الروائية التى كانت أحد أهم العوامل التى ألهمت جمال عبدالناصر بالقيام بثورة يوليو 1952.

رواية «أجنحة الفراشة» الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، قبل أيام من ثورة يناير، تقع فى 191 صفحة من القطع المتوسط، وتدور حول سيناريو للاحتجاجات مشابه تماماً لتلك التى حدثت بعد 25 يناير، وتتفاقم هذه الاحتجاجات، بفضل الهواتف المحمولة وتجمعات فيسبوك، والإنترنت، وتحاول الحكومة أن تكشف عن مؤامرة مدعومة من الخارج لقلب نظام الحكم.

ووفق الرواية تعتقل الحكومة جميع أقطاب المعارضة، كما تعتقل كل المتعاملين معهم، ومن ضمنهم مجموعة الشباب وقود العصيان المدنى، ويمضى سيناريو الرواية إلى تخيل امتناع معظم الموظفين للذهاب إلى أعمالهم، وكذلك يغلق التجار أبواب محالهم، وتضطر الحكومة للاستقالة، فتبرز هيئة وطنية تعد لانتخابات حرة على مستوى البلاد.

وتقدم الرواية مجموعة من الشخصيات التى تسير فى خطوط متوازية يربط بينها أنهم جميعا يبحثون عن تحقيق ذواتهم، وذلك فى فترة تاريخية حرجة تشهد حراكا سياسيا غير مسبوق لبلد يبحث هو الآخر عن نفسه، وعلى هذا التوازى نفسه فى شخصيات الرواية نجد هناك توازيا آخر ما بين الشخصيات فى بحثها عن نفسها وبين البلد الذى يمر هو الآخر بمرحلة البحث عن الذات، فتتشكل الحركات السياسية المطالبة بالتغيير وتنتشر المظاهرات فى كل مكان.

وتجيب الرواية عن عدة تساؤلات، ماذا يحدث حين تتبدد أحلام شقيقه عبدالصمد عندما يجد أن الشيخة الكويتية التى وعدته بالزواج والسفر إلى الكويت ما هى إلا عصابة للنصب على الشباب الحالمين بالمستقبل؟ وماذا يحدث حين يسقط الحزب الذى دام حكمه المستبد أكثر من ثلاثين عامًا على أثر سلسلة من المظاهرات والاعتصامات تصل إلى حد العصيان المدنى؟ هل يمكن أن تلتقى هذه الأحداث وتتشابك مع مصائر شخصياتها فى حبكة روائية واحدة تحدد معالم مستقبل مجتمع بأسره؟.