إبداعات حركة «السلام الآن» «40»

مراد وهبة الأحد 24-05-2015 21:29

إذا تساءلنا:

ماذا فعلت حركة السلام الآن؟

أو بتساؤل أدق:

ماذا أبدعت؟

فجوابى يدور حول التساؤل الثانى، وليس الأول، لأن الفعل فى التساؤل الأول يشير إلى حدث معين وإلى زمان معين، دون ذكرٍ لمدى قدرته على إحداث تغيير جذرى فى وضع مأزوم. أما إذا أحدث الفعل تغييراً جذرياً، ففى هذه الحالة نقول عن هذا الفعل إنه إبداع. ومن هنا جاء تعريفى للإبداع بأنه «قدرة العقل على تكوين علاقات جديدة من أجل تغيير الوضع القائم». وفى هذا التعريف ثمة مكونان: الجدة والتغيير، وهما معاً يحيلان التغيير إلى تغيير جذرى، وذلك باستدعاء الوضع القادم.

والسؤال إذن:

ما هذا التغيير الجذرى الذى أبدعته حركة السلام الآن؟

جواب موردخاى بار- أون، فى كتابه المعنون «بحثاً عن السلام» أن إبداع الحركة يكمن فى أنها أدخلت على أفق السياسة الإسرائيلية هوية جديدة مع حضور سياسى بارز من غير أن تفرز آلية دائمة على النحو الشائع، ومن غير أن يكون لها سلم وظيفى مدفوع الأجر، ومن ثم، فهى ليست مسجلة فى الوزارة المختصة بذلك النوع من النشاط. ومع ذلك فإن الحركة تقيس قوتها الشعبية بعدد المشاركين فى التوقيع على أى مطلب سياسى، إذ يصل إلى 200000، كما تقيسها بعدد المشاركين فى المظاهرات، إذ يصل إلى 100000. ولهذا قيل عن الحركة إنها بنية بلا بنية. من حيث هى بنية، فهى مكونة من ثلاث دوائر متحدة المركز. الدائرة الأولى هى الدائرة الداخلية، وتضم «العناصر النشطة» التى تخطط لأنشطة الحركة، وعددهم 500 من الطبقة الوسطى والوسطى العليا، وآباء هؤلاء إما من أصل أوروبى أو من أصل أمريكى.

والدائرة الثانية هى دائرة «المشاركين المخلصين» الذين يشاركون فى جميع مظاهرات الحركة، ويتراوح عددهم بين 5000 و6000. والدائرة الثالثة مكونة من «المتعاطفين» الذين يشاركون فى المظاهرات، ولكن دون انتظام، أو يوقعون على الالتماسات، وعددهم متغير لأن مشاركة هؤلاء تعتمد على المناخ السيكولوجى والسياسى السائد، وعلى مدى حماس الجماهير. ومن هنا قيل عن الحركة إنها بلا بنية، إذ هى تتمدد، وتنكمش طبقا لترنحات الرأى العام.

وللحركة فروع فى مختلف المدن الإسرائيلية، ولكن أنشطتها فى القدس وتل أبيب وحيفا. وهذه الفروع تجتمع كل أسبوعين أو ثلاثة للتشاور والتخطيط. ومع ذلك، فإن لهذه الفروع لجنة وطنية اسمها «المنتدى الأعلى»، وهو القيادة الحقيقية للحركة. والحشد لا يتم إلا بالحماس مع الاقتناع، إذ هما بديلان عن التصويت. وإذا حدثت معارضة عند اتخاذ أى قرار، فليس المهم أن تكون المعارضة أقلية أو أكثرية، إنما المهم أن تكون قوية. أما اتخاذ القرار، فمكانه فى كيوبيتز فى شمال تل أبيب.

واللافت للانتباه أن حركة السلام الآن تموج بأيديولوجيات متناقضة، إذ هى خليط من الرأسمالية والاشتراكية والعلمانية، إلا أن العلمانية هى الطاغية. ومع ذلك فهذه الأيديولوجيات ليست موضع حوار، لأن الحوار الوحيد والمشروع هو الذى يدور حول كيفية تحقيق السلام. ومن هنا فإن الحركة تقاوم أى محاولة لتحويلها إلى حزب. وهذا ما يفسر عدم صدور أى قرار بتصويت رسمى، والبديل هو على النحو الآتى: ينقسم النشطاء إلى جماعات، وعندئذ تنعقد الاجتماعات. وإذا تم تأييد قرار معين، فإن هذا القرار يرفع إلى «المنتدى الأعلى» لاعتماده من أجل تنفيذه. وعندئذ تتكون لجنة وظيفتها التنفيذ.

ومع ذلك، فثم سؤال لا بد أن يثار:

هل ثمة مبادئ لهذه الحركة؟