كيف تصير غنياً وسعيداً؟!

عبد المنعم سعيد السبت 23-05-2015 21:40

لا تصدق أن النفط هو سبب غنى دولة الإمارات العربية المتحدة، كما هو ثابت من التقارير الدولية المعروفة، أو سعادة شعبها كما ظهر مؤخراً فى مؤشر السعادة العالمى. فالثابت أن النفط يشكل حوالى ٢٦٪ (وهناك تقدير آخر ٣٠٪) من الناتج المحلى الإجمالى. قارن ذلك مع دول «نفطية» أخرى وسوف تدرك أن الفارق يرجع إلى التفكير والابتكار والطموح. فى زيارة أخيرة إلى أبوظبى وردت إلى ذهنى مسافة كبيرة فى الأحوال بين عاصمة الإمارات فى الثمانينيات، عندما زرتها لأول مرة، وبعد ذلك بثلاثة عقود. كان الفارق كبيراً بالطبع، ولكن واحداً من الاختلاف جاء من إدراك وجود عدد كبير من القنوات البحرية داخل المدينة، حتى إن كل قاطنيها أصبحوا بشكل ما يطلون على المياه. لم يكن مخططاً من قبل الطبيعة أن تكون هناك فينيسيا على ساحل الخليج، ولكن ثبت أن ذلك ممكن، ما عليك إلا أن تحفر قناة تخرج من الخليج وتدخل المدينة وتتوغل فيها وتلتف حولها، ثم تعود مرة أخرى إلى الخليج. القانون البسيط هنا قانون الأوانى المستطرقة، هل تذكرون دروس المدرسة الابتدائية، حيث تتساوى مستويات المياه مهما تغيرت القنوات التى تسير فيها؟ تم ذلك من قبل فى مصر عندما تم حفر قناة السويس، وكما نفعل الآن مع قناة السويس الجديدة.

المهم فى الفكرة أنه بمجرد وجود المجرى المائى فإن شاطئيه يصيران مغريين من الناحية التجارية والسوقية، ويرتفع ثمن الأرض إلى الدرجة التى تجعلها تغطى تكلفة تنميتها، حيث يعيش البشر ويعملون، وهم فى مشهد يسرّ الناظرين. تذكرت أن ذلك لم يحدث فى أبوظبى فقط وإنما دبى أيضا، فينيسيا يمكن أن تقام حيث يوجد الماء، وطالما باتت تكنولوجيا الحفر سريعة وقادرة على شق الصخور والرمال فإن الغِنَى ممكن، ليس فقط داخل المدينة وخارجها، فالحفر له ناتج، وما عليك إلى أن تأخذ تلال الرمال والصخور التى خرجت من الأرض، لكى تضعها فى ماء الخليج مرة أخرى فتظهر جزر يمكن استغلالها كما هو الحال فى مانهاتن بنيويورك. الفكرة بسيطة وليست صعبة، ولمن يفكر عندنا فى مصر فإنها أكثر بساطة، وأقل صعوبة.

أولاً لأننا لدينا بحران كاملان ونهر له فرعان، بحر يربطنا بآسيا وأفريقيا والآخر بأوروبا، وفوقهما خليجان (العقبة والسويس)، وشبه جزيرة سيناء، ويمكنك أن تخلق منهما جزرا، والعديد من مدن فينيسيا وبالطريقة التى تحبها. وثانياً إذا كنت كسولاً كما هو حالنا أحياناً، فما عليك إلا أن تذهب إلى الجزر الموجودة فعلا لدينا. هناك ١٥٥ جزيرة فى النيل لا نستغلها إلا فى القليل (جزيرتا الزمالك والروضة مثالا)، وبعدها توقفنا، وهناك ٨١ جزيرة أخرى فى البحر الأحمر لا أدرى ما هو حالها، ومنذ زمن كان هناك تفكير فى تنمية جزيرة «الجفتون» فى الغردقة. وثالثاً، عندما تستغل كل هذه الجزر فربما تقوم باستخدام نظرية الأوانى المستطرقة وتقيم حضارة ومدنية وفرص عمل ومشروعات فى جزر أخرى. أولى العقبات سوف تكون ذلك السؤال البيروقراطى السخيف: كيف نترك كل هذه الأرض المصرية، ونذهب إلى الجزر؟ وثانى العقبات ممن طرح السؤال السخيف السابق سوف يكون آخر من يعترف أنه هو أول من أوقف المراكب السائرة فى الوادى والدلتا، والآن فإنه لن يسمح لأحد أن يذهب للبحر. وثالثها أن لدى ظنا أننا لا نريد فعلا لا الغنى ولا السعادة، فلعل فيهما جراثيم وفيروسات محبطة!!.