نجح المخرج محمد على فى تقديم شكل فنى متطور فى مسلسل «أهل كايرو»، لفت إليه الأنظار وحقق مع سيناريو بلال فضل المميز مصدر جذب للجمهور، وحظى المسلسل بنسبة مشاهدة عالية وتم اختياره ضمن أفضل أعمال رمضان.
محمد على تحدث مع «المصرى اليوم» عن تفاصيل التجربة وكواليسها فى هذا الحوار.
■ هل تصوير معظم أحداث مسلسل فى ديكور واحد مهمة صعبة؟
- طبعا، وقد وصلنى هذا الإحساس من البداية، إنما التحدى والمغامرة كانا أحلى، وأنا ليس لدىّ مانع فى تقديم فيلم كامل فى مكان واحد، لكن الفن ليس فيه شىء مضمون من وجهة نظرى ولا توجد مقومات ثابتة للنجاح وإلا طبقناها جميعا، ورفضت أن ينتصر علىّ القلق خاصة أن المسلسل فيه أربع حلقات تدور فى كواليس حفل زفاف بالإضافة إلى حوارات طويلة بين المدعوين، وكان السؤال: كيف نحقق مصداقية الفرح، وفى الوقت نفسه نبرز الخطوط الدرامية للأحداث، لذلك كانت التجربة كلها مغامرة، لكن محسوبة وفقا للعناصر التى اخترتها.
■ وكيف حافظت على الإيقاع فى ظل التصوير داخل مكان واحد؟
- خرج ذلك بشكل غير مقصود، وليس هناك تعمد لأنى مخرج سينمائى وأسعى دائما للحفاظ على إيقاع وشكل العمل، كما أنى شخص ملول جدا وكنت أحاول أن أعثر داخل المشهد الواحد على حلول تجعل المشاهد منتبهاً ولا يشعر بمدته خاصة فى المشاهد الطويلة فهناك مشاهد فى المسلسل تراوح عدد صفحاتها بين 13 و15 صفحة.
■ ما الذى جذبك لهذا السيناريو بالتحديد؟
- المسلسل خطفنى من أول مشهد له وهو مشهد التحرش، وأعجبتنى طريقة طرح الأحداث التى قدمها بلال وطريقة التعمق داخل الشخصيات فوجدت أننى أمام عمل مختلف ودراما تبدو جديدة، وقد أعجبنى هذا الإحساس وحاولت أن أعبر عنه بصدق على الشاشة.
■ لذلك وصفت شخصيات المسلسل بأنها «لحم ودم»؟
- هذا حقيقى، ويرجع إلى أن عمر المشاهد الموجود بداخلى أقدم من المخرج، فقد تربيت على مسلسلات مصرية عظيمة أثرت فى وجدانى وكل شخوصها حقيقية ومنها «المشربية» و«البشاير» و«أحلام الفتى الطائر»، وأتعجب عندما يرى البعض أن ما فعلته شىء جديد فهو تطوير فقط، لأن معظم الدراما التى عشنا عليها كانت قوية.
■ كيف صورت مشهد التحرش ليظهر بشكل حقيقى؟
- كنت أريد أن يخرج بشكل طبيعى، واستخدمت 5 كاميرات لتصويره من جميع الجهات، ووضعت الكاميرات بشكل غير واضح فى بعض البلكونات والمحال المحيطة بميدان محمد فريد لتصوير المشهد بين الجمهور الحقيقى، وهذا ما جعله يخرج بهذا الصدق والواقعية.
■ ولماذا اختصر المشاهدون العمل فى لغز مقتل صافى سليم؟
- هذا جاء وفقا لثقافة المشاهد نفسه، لكن هذا ليس هدف المسلسل لأنى من اللحظة الأولى وأنا مهتم بالدراما وليس التشويق والدليل أن جريمة القتل تمت فى الحلقة الحادية عشرة، ولحرصى الشديد على مصداقية العمل، ووجود تفاصيل دقيقة عن جريمة قتل جعلنى أستعين داخل موقع التصوير بخبير رفع بصمات وخبراء من الأدلة الجنائية ورئيس محكمة ووكيل نيابة اعتمدت عليهم فى عرض التفاصيل الدقيقة الخاصة بالجريمة فقط، لكن لم أستشرهم فى الدراما الحياتية للشخصيات نفسها.
■ لماذا اعتمدت على العديد من الوجوه الجديدة فى هذا العمل؟
- إذا قدمت المسلسل بممثلين معروفين لتعرضت لمشاكل إنتاجية بالإضافة إلى مشكلة ضبط وقت التصوير بينهم لارتباطهم بأعمال أخرى، وفى الوقت نفسه لن يقدموا جديداً للجمهور لأن هذه الوجوه نراها طوال الوقت، لذلك اختيار وجوه جديدة وغير مألوفة كان مقصوداً من البداية لأنه ضمن خطة التغيير كما أنه مرتبط بكسر الملل، ومن وجهة نظرى، هناك مشكلة حقيقية فى الاعتياد على مشاهدة ممثلين لفترة طويلة، والتغيير فى هذا العمل بدأ من عنوانه مرورا بالتتر ثم طريقة الطرح، حتى الممثلون المعروفون فى هذا العمل ظهروا بشكل وأداء مختلفين لأنى بصراحة لم أستسهل فى أى شىء.
■ البعض يرى ضرورة تكثيف العمل فى 15 حلقة فقط حتى يخرج بشكل متوازن أكثر، ما رأيك؟
- أعترف بأن 30 حلقة كثير، ولكن 15 حلقة قليل جدا، ونحن لا نملك حق التحرر لأن الجهات الإنتاجية لا تعترف إلا بعدد الحلقات بسبب سيطرة الإعلان، وأى خلل فى هذه المنظومة قد يعرض الجهات الإنتاجية لخسائر، كما أن منظومة الإنتاج تتعامل مع المخرج بـ«كم» الحلقات وليس بما أنجز والمنظومة كلها مزعجة، وتضطر أن تصل لحلول ترضيك وفى الوقت نفسه تحقق طموح المنتج.
■ فى رأيك، ما سبب ربط البعض بين أحداث المسلسل وبعض الأحداث الحقيقية مثل قضية سوزان تميم؟
- هذه محاولة لرد الأحداث إلى أشخاص حقيقيين وعدم التعامل معها على أنها حدوتة وهذا ليس لنا علاقة به إطلاقا، لكن الأخطر من ذلك هو الاستنتاجات التى طرحها البعض بخصوص قاتل «صافى سليم» ومنها نسب عملية القتل لأشخاص لا يوجد بينهم وبين القتيلة سوى خلاف شخصى بسيط، وهذا يدل على أن جريمة القتل أصبح ممكناً أن تحدث لأتفه وأبسط الأسباب وهذا خطر كبير لأنه يعكس ثقافتنا الآن.
■ ألم يكن هناك حل لمشاهد الفلاش باك التى سببت بعض الحيرة للمشاهد بسبب ربطها بالعديد من الشخوص؟
- الحقيقة دائما تظل غير مطلقة، وبهذا المنطق كان لابد أن أتعامل فيما يخص الدراما، وكان لابد من استخدام العديد من مشاهد الفلاش باك لإظهار أجزاء مختلفة من الحقيقة، وقد حاولت أن أبعد بينها زمنيا حتى لا يحدث تشتت، وفى الوقت نفسه أربطها بالشخوص الموجودة وقت حدوث الجريمة وعرضها من وجهة نظر كل شخص منهم لنتعرف على الحقيقة دون الخوض فى تفاصيل لن يتحملها الجمهور.