لن أنسى ما حييت لحظة تلاوة بيان القيادة العامة للقوات المسلحة فى 3/ 7/ 2013، الذى طهر مصر من حكم عصابة الإخوان وانتصر لإرادة الشعب المصرى.
كنت على الهواء مباشرة، مع الإعلامى «معتز الدمرداش» على قناة «الحياة»، وجاءنا صوت المستشار «أحمد الزند»، وزير العدل الجديد، مهنئاً بسقوط حكم المرشد.. فوجئت بأنه يعرفنى جيداً، ويقرأ لأقلام خاضت معركة القضاة بنفس جرأة وشجاعة القضاة!
كدت من خجلى أن أخرج من «الكادر»، هذا الفارس العملاق الذى راهن بحياته على إرادة الشعب المصرى وصلابته، يعرفنى أنا؟!
قطعا «مناضل» بقيمته وقامته يفرز جيدا الساحة السياسية والإعلامية، ويمتلك وعيا وطنيا نادرا، جعله يسقط من حساباته أنه «أب» له عائلة مهددة بالاغتيال معه، بعدما تعرض لمحاولتى اغتيال!
لقد كان قضاة مصر هم رأس الحربة فى ثورة 30 يونيو، وكانوا فرساناً يحرسون العدالة ويقفون كحائط صد منيع ضد إهدار القانون والدستور.
ولذلك لم تنس عصابة الإخوان موقف نادى القضاة ضدهم، ولا بسالة وشجاعة المستشار «أحمد الزند»، رئيس نادى القضاة آنذاك، فى مواجهتهم.. حين كان بجسارة «أسد»، كما يسمونه، يفند «على الهواء» كل الادعاءات الباطلة لـ«مرسى وعصابته» ويكشف عصفهم بالقانون والدستور وألاعيبهم القذرة وجرائمهم التى يحاسبون عليها اليوم، وأولاها «التخابر مع عناصر أجنبية»!
كانت الفضائيات تبث اجتماعات نادى القضاة لساعات طويلة، ونحن فى حالة انبهار، بينما نرى «الزند» يتوعد رئيس الجمهورية «المعزول مرسى» بالملاحقة القضائية ويصفه بـ«الخائن».. متحدياً جبروته وميليشياته التى تطوق نادى القضاة ومليونيات «الجماعة» التى ترفع شعار «تطهير القضاء»!
وقف «الزند» ضد الإعلان الدستورى لمرسى، وقراره بتعيين المستشار «طلعت عبدالله»، النائب العام الملاكى، بمخالفة دستورية فجة، وقفة محارب عنيد عن «استقلال القضاء»، وهو الحصانة الوحيدة لكل مواطن.
ولهذا لايزال التنظيم الإرهابى يستهدف القضاة، لإجبارهم على التنحى عن نظر القضية وإرهابهم، كما يغتالهم بخسة وغدر.. ومع أول تهديد من الإخوان للقضاة، وقبل أن تبدأ مذبحة القضاة بأيادى الإرهاب.. قال المستشار «الزند»: سنبقى نحن المصريين «الأسياد وهم العبيد».. فلا تنزعوا الكلام من سياقه على طريقة «لا تقربوا الصلاة»!
أنا فخورة بتعيين المستشار «أحمد الزند»، وزيراً للعدل، لأن هذا معناه أن الثورة على الإخوان تحكم البلاد فعلا.. وأن رجلاً عليماً بهموم القضاة ومعاناتهم اليومية واغترابهم لنظر القضايا قد أصبح وزيرا للعدل.
ورغم ذلك، فقيمة الزعامة الوطنية فى وقت النفاق والتهليل لحكم المرشد، من أحزاب سياسية ووسائل إعلام، قيمة تتجاوز بكثير منصب «الوزير»، وهو زائل بحكم الواقع.
المستشار «الزند» رمز للدفاع عن مصر كدولة وطنية يحكمها الدستور والقانون، والرموز الوطنية نادرة فى هذا الزمان، وسوف يسطر التاريخ اسم «الزند» بأحرف من نور كمقاتل شرس كان رأس الحربة فى معركة القضاة ضد «الخونة» وتجار الأوطان.
فهل كان «الزند» يريد منصباً ما؟! هل هو بحاجة إلى موكب أو أضواء أو شهرة؟!
إن من يحفر اسمه وشماً على قلوب تشعر بأهمية تحرير التراب الوطنى من دنس الإخوان، ومن يكتب اسمه على جبين عقول تدرك أهمية الأمن القومى لمصر.. ليس بحاجة لمنصب أو كرسى!
أنا لم أطالب يوماً بتعيين «الزند» فى أى مكان، لأنه كان ينتخب رئيسا لنادى القضاة.. والانتخاب أكثر مصداقية، خاصة من حراس العدالة.
لكن فُرض عليكم الحكم وهو كره لكم.. أنت الآن- يا سيادة الوزير- الدرع الأولى لحماية القضاة من رصاص الإرهاب الأعمى.. أنت المسؤول الأول عن تطبيق «العدالة» فى مصر، وهى مهمة عصيبة.. فلتكن «سيف الحق»، كما عهدناك، ولا تجعل المنصب عبئاً عليك.
هنيئاً لبلدى «طنطا» بفارس من رجالها.. وهنيئاً لشعب مصر.