لم أستطع مطلقاً نسيان أو تجاهل كلمة المهندس نبيل عبدالعزيز، رئيس مجلس إدارة الشرقية للدخان، حين وقف يشارك فى احتفال الشركة بتأهل فريقها لدورة الترقى للصعود للدورى الممتاز.. وبعد تناول التورتة مع اللاعبين المحتفل بهم..
قال رئيس مجلس الإدارة بتأثر وحماسة وشجن واندفاع إن أربعة عشر ألف عامل فى الشرقية للدخان ينتظرون منهم تأهل الشركة للممتاز.. أربعة عشر ألف عامل بالشرقية للدخان يحلمون بالتأهل وتواجد ناديهم فى دورى الشهرة والأضواء والكبار.. وكانت هذه هى الجملة التى توقفت أمامها لأننى رأيتها تختصر بوضوح الكثير جداً من قضايانا وملفاتنا وحكاياتنا.. وعلى الرغم من أننى لا أعرف المهندس نبيل عبدالعزيز شخصياً ولم يسبق لى أن التقيته بالعمد أو المصادفة.. إلا أننى واثق من أنه لم يكن يكذب.. وإنما هو مقتنع بالفعل بأن الأربعة عشر ألف عامل بالشركة يتمنون بكل قلوبهم ومشاعرهم تأهل فريق شركتهم للدورى الممتاز.. وهو أمر ليس صحيحاً بكل تأكيد.. فمن بين هؤلاء الأربعة عشر ألف عامل هناك من يشجعون الأهلى أو الزمالك أو الإسماعيلى أو الاتحاد أو المصرى..
وهناك منهم من لا تعنيهم كرة القدم أصلاً والحمد لله أنهم ليسوا مشغولين بفريق الشركة، والرجاء الحقيقى هو أن يدوم انشغالهم فى حالة تأهل فريق الشركة بالفعل للدورى الممتاز.. لأن الشركة وقتها ستضطر لتغيير سياساتها الكروية وستتعاقد مع مدرب له اسمه ومكانته وتتعاقد مع لاعبين منهم من سيطلب مليون جنيه فى السنة أو نصف مليون.. ووقتها سيبدأ عمال الشركة بالفعل فى الانتباه لكرة القدم بشكل حقيقى وسيتابعون أخبار فريق الشركة ولكن ليس بتلك الصورة الناعمة والرومانسية التى يتخيل وجودها السيد رئيس مجلس الإدارة.. إنما بصورة سيفيض منها الغضب والاحتجاج والصراخ والمقارنة بين عامل الشركة ولاعب الشركة.. وماذا يتقاضى الذى أعطى الشركة «سنين العمر» وأيامه وأفكاره وأحلامه، وكم سيتقاضى الذى لم يأت إلا بعدما بات للشركة فريق يلعب فى دورى الأضواء..
وقد تراها مقارنة ظالمة وغير منطقية وغير ضرورية أيضاً.. لكن تلك المقارنة تصبح واجبة فى مصر بالتحديد، حيث شركاتنا تلعب الكرة بنفسها.. فالشركات فى العالم حولنا ترعى كرة القدم وتستغل شعبيتها للترويج لمنتجاتها.. لكن شركاتنا فى مصر لا تريد ذلك إنما تريد النزول بنفسها إلى الملعب.. فالشرقية للدخان بكل أرباحها كان من الممكن مثلاً أن ترعى الإسماعيلى أو الاتحاد أو الشرقية.. لكنها لو قامت بذلك فلن يتحدث الإعلام عن نجاحات الشركة وعظمة رئيسها الذى قاد فريق الشركة إلى الدورى الممتاز، وكأننا كنا نريد أو ننتظر ذلك من رئيس لا علاقة له أو لشركته بكرة القدم.