حرية الإعلام أم مسؤوليته

عاصم بكري الثلاثاء 19-05-2015 21:44

نعم نريد جهة سيادية تنهى المهزلة الإعلامية

سأل محمود سعد مستنكرا وأنا أجيبه مؤكدا، سأل: هل هنالك جهة سيادية توقف برامج إعلامية؟ وأنا أجيبه ببساطة وبصراحة ودون مزايدة أو مواربة ومن غير تفلسف ولا تحذلق ولا سفسطة ولا هرطقة، أجيبه وأنا الذى تجرعت الإبعاد والتهميش وإهدار الحق سنين طوالا أنا نفسى الذى أقولها: نعم نحن الآن والآن بالذات نحتاج جدا إلى جهة سيادية جدا، لا لتوقف برنامجا واحدا وإنما لتغلق محطات بأكملها وتصادر جرائد برمتها، وتستبعد مدعين فارغين تافهين سمّوا أنفسهم فى غفلة من الزمن الحزين مقدمى برامج وصحفيين ومذيعين، وهم لا يستطيعون حتى نطق جملة واحدة من لغتهم نطقا صحيحا..

بشرفكم يا أيها الإعلاميون، يا أيها النجوم البازغون، ما الذى يحتاجه الإعلام الآن؟ هل يحتاج إلى مزيد من الحرية أم إلى كثير من المسؤولية؟ لكن من هم الإعلاميون الذين نتوجه إليهم بالحديث؟ وهل معظمهم إعلاميون حقا أم متطفلون على هذه الفنون التى صارت مهن من ليس له مهنة؟ وهل هؤلاء يمارسون إعلامهم تحت مظلة التشريعات والقوانين الإعلامية؟ وهل يعتبرون ويعتدون بأى من مواثيق الشرف المحلية والإقليمية والدولية؟

تجرعنا أصواتهم القبيحة وأساليبهم البغيضة وطلة وجوههم الكريهة، نفذت كلماتهم القميئة إلى أسماع أولادنا، واخترقت فتنهم الرخيصة استقرار وسلام أوطاننا، واجترحوا ثوابتنا الوطنية والأخلاقية، وانتهكوا أعرافنا وأنماطنا الإنسانية، وما نفع معهم نصح وإن قاله وكرره رئيس البلاد، ولم يرهبهم أو يثنهم عن فجرهم ترهيب ووعيد رب العباد، وتحت مسمى الحرية انتهكوا كل حرياتنا نحن المشاهدين المواطنين المسالمين المصريين.. فرضوهم علينا بقوة المال، واكتنزوا بأموال رجال أعمال، وتركوا عورات بلادنا معلقة منشورة فوق كل الحبال، واحتموا فى حمى منظمات وهيئات كم ثار حولها فوق الجدال جدال؟

لا موهبة اعتمدوا ولا علما اكتسبوا ولا حرفة امتهنوا، وإنما فقط يشعلون فى حلقاتهم بخور الدجال.

لست منهم أتعجب، وإنما أتعجب من كل صاحب قرار، كيف يترك هؤلاء يبلغون منا كل هذا الدمار.. أتعجب من المسؤولين عن الهيئات المانحة للرخصة والإشارة فى النايل سات ومدينة الإنتاج، أليس هنالك عقد قد وقع قبل البث ومن بنوده الحفاظ على الأمن القومى للبلاد وحماية مصالح العباد، أليس فى تفاصيله عدم الزج بالوطن فى خضم الفتن؟ أليس من أصوله حماية العقل المصرى من الخرافة والدجل؟ أليس من قواعده حماية الأذن والعقل والقلب من سماع ألفاظ السوقة وسب وشتائم الألسنة الصعلوكة؟ هل فى ذلك العقد أنه يحق للمقدم أو الضيف أن يقول يا أولاد كذا أو ينعت أحدا أوشيئا بكذا وكذا، أو يسب دولة صديقة أو يزوّر الحقيقة؟ لماذا يترك المسؤولون الرئيس وحده فى الميدان؟ يطوح سيفه فى وجه سفهاء هذا الزمان؟ لماذا لا يفعّلون عقودهم المبرمة ويراجعون بنودها المحددة، ثم يغلقون أبواب هذه المواخير التى سميت تجاوزا استديوهات، فيكون القانون حينئذ هو الجهة السيادية التى تهون معها مزاعم الحرية؟

أمة مثلنا لا يمكن أن تعبر محنتها إلا بعقل جمعى وشعور متوحد وإرادة محتشدة، سموه ما شئتم، قولوا إنه إعلام تعبوى فليكن، قولوا إنه الرأى الواحد والفكر الواحد فليكن، قولوا ما شئتم يا أصحاب الشعارات الفارغة الكاذبة لكننا نعلم ونفهم وندرك بحكم آلاف السنين الفائتة أننا هنا لا نعنى شيئا سوى الأمل الواحد والمصير الواحد، فكيف نبلغ حلمنا بألف خطة وألف رؤية وبعقول متعاركة وقلوب متشاحنة ومشاعر متباغضة، كنا نظن شذوذنا مقصورا على الإخوان فاكتشفنا أنه لدينا من باقى الشياطين خُوّان، قليلون نعم لكنهم بأصوات عالية وأموال طاغية وبكراهية عاتية.. النصح قد بلغ ذروته واحتدت لهجته ولا حياة لمن تنادى، فصدق الشاعر إذ يقول:

لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى

أريد حياته ويريد قتلى عذيرك من خليلك من مرادى.