حينما سقط رئيس الوزراء أمام مكتبه!!

عبد الرحمن فهمي الثلاثاء 19-05-2015 21:52

قفز فوق درجات السلم القليلة كعادته ليدخل حجرته القريبة من السلم.. وقبل أن يصل إلى مكتبه وقع فى وسط الحجرة على وجهه حتى أصيب أنفه ببعض رشح الدم.. هرول الساعى، حامل الشنطة، ليخطر الجميع فقال لهم الطبيب: البقية فى حياتكم!!..

إنه الدكتور فؤاد محيى الدين، رئيس الوزراء، بل لعله من أصغر رؤساء الوزارات لم يكمل 55 عاماً من عمره.. وهو طبيب أصلاً.. بل أول دفعته وتم تعيينه معيداً فأخذ الدكتوراه ثم التحق كطالب منتسب فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، واحترف السياسة.. وترك الجامعة حينما انتخب رئيساً للجنة الوطنية للعمال والطلبة فى نفس عام تعيينه معيداً.. وتحول إلى «صاروخ الوطنية والسياسة»، حتى طلب منه عبدالناصر أن يتفرغ للاتحاد الاشتراكى عام 1965 ثم عينه محافظاً للشرقية 1968، وكان قريباً من السادات، فنقله محافظاً للإسكندرية 1971، ثم الجيزة 1973 ثم وزير دولة فى نفس العام للإدارة المحلية ثم وزيراً للشباب 1974 ثم نائباً للإعلام ونائباً لرئيس الوزراء 1981 ثم رئيساً للوزراء 2 يناير 1982، فى نفس الوقت كان الذراع اليمنى للسادات طوال حكمه، وكان نائباً له فى حزب مصر الذى أنشأه السادات.

هذا الصاروخ مات فى يوم غريب يوم 5 يونيو.. ولكن عام 1984!! ولم يعرف أحد كيف ولماذا وما هو المرض إن كان هناك مرض أصلاً!!

نسيت أن أتكلم عنه حينما كتبت هنا نصف صفحة كاملة عن رؤساء الحكومة فى تلك الفترة.

سقط منى سهواً.. لا أعلم لماذا - حينما رأيت بالصدفة جزءاً من فيلم للأخ الكبير وحيد حامد وأحمد زكى.. تذكرت كل التفاصيل ولا أزيد!! على فكرة.. اسم رئيس الوزراء «أحمد فؤاد محيى الدين» على اسم الملك فؤاد.

■ ■ ■

وذكرنى بعض الأصدقاء أيضاً بوفاة أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكى، فى صباح ليلة توقيع عقد الزواج العرفى من الملكة نازلى.. أفطر حسنين باشا الفول المدمس المقشر بزيت الزيتون كالعادة وقطعة الجبن البيضاء الصغيرة مع كوب الشاى وركب سيارته فى طريقه إلى قصر عابدين.. وفوق كوبرى قصر النيل وقع هو أيضاً.. ولكن فى دواسة السيارة!! ولم يقم فركن السائق السيارة وحمله هو والحارس ليجلس مرة أخرى على الكنبة.. وفى بهو قصر عابدين صاح طبيب القصر: البقية فى حياتكم!! كيف.. أيضاً لم يعرف أحد قط.. ويقال إنه بعد الثورة اعترف أحد طباخى القصر، الذى كان يتردد على منزل حسانين باشا أنه تلقى تعليمات من أحد المسؤولين فى القصر - لا يعرفه - بأن يستخدم زجاجة زيت زيتون هذه المستوردة!! فى وجبة الإفطار فمات الرجل بعد أول مرة!! مات يوم 19 فبراير 1946.

■ ■ ■

وذكرنى آخرون - خلال الدردشة طوال الأسبوع - بوفاة المشير أحمد إسماعيل على «جارى» بطل أخطر معركة حربية فى التاريخ.. مات فى نفس أسبوع توقف القتال!! بعد أن صفق له أعضاء مجلس الشعب حينما حضر الجلسة التى خطب فيها السادات معلناً استعداده للسفر إلى آخر الدنيا من أجل مصر.. ظل الأعضاء يصفقون له حينما دخل المجلس من الباب الخلفى فجأة، قيل التصفيق زاد على الرقم القياسى القديم وكان سبع دقائق حينما دخل سعد زغلول آخر احتفال بيوم الاستقلال.

تعب المشير وشعر بآلام شديدة.. احتار الأطباء فى مصر.. لم يستطع أحد تشخيص المرض.. سافر فى نفس اليوم إلى لندن وبعد يومين عاد إلى القاهرة بنفس النتيجة.. لا أحد يستطيع التشخيص رغم كل الأشعة والتحاليل.. وساعات ومات البطل!! كيف ولماذا.. لا أحد يعرف.. هذا هو قدر الكبار جداً!!