الطريق إلى السلام (4) تهامى لديان: هل كانت 67 مؤامرة ناصرية؟!

صلاح منتصر الإثنين 18-05-2015 21:01

كان حسن التهامى، كما روى موشى ديان عن أول لقاء به فى المغرب يوم ١٦ سبتمبر،١٩٧٧ قد تحدث طويلاً عن الرسالة التى حملها من الرئيس السادات وعن مطالبته بيجين بالانسحاب من الأراضى المحتلة.

يقول موشى ديان فى كتابه «رؤية شخصية للمباحثات المصرية الإسرائيلية»: كان على بعد أن تحدث التهامى أن أرد على ما قاله، وقد بدأت بقولى إن أى مطلب من بيجين، رئيس الوزراء الإسرائيلى، لابد أن يوافق عليه الكنيست، فما من رئيس وزراء لإسرائيل يستطيع اتخاذ مثل القرارات الحاسمة المطلوبة دون موافقة الكنيست. وقلت للتهامى مضيفا: أما عن الانسحاب من الأراضى، فلا أستطيع القول بأن بيجين سيستجيب لطلبه، فربما استجاب وربما رفض، لكن المؤكد أنه يود دون الالتزام بأى شىء عقد اجتماع على أعلى مستوى لمناقشة موضوع السلام الشامل، أما أن يوضع شرط لإتمام الاجتماع بالانسحاب فهذا الانسحاب ليس شرطاً هيناً، فلدينا بعض الحقوق المعترف بها فى الأراضى وماذا ستكون عليه هذه الأراضى متى خضعت للسيادة العربية، وماذا عن مستوطناتنا فى الجولان، وماذا عن الحائط الغربى والحى اليهودى فى المدينة القديمة وعن المراكز السكانية الجديدة فى سيناء إذا ما انسحبنا منها، وهل ستتاح لهم الإقامة كغرباء فى ظل السيادة العربية؟

وكان مما قاله ديان أنه «بالنسبة للجلاء عن كافة الأراضى التى تم احتلالها فى حرب ٦٧، فلم يحدث أن شهد التاريخ مثل هذا على الإطلاق»، لكنه قال فى ختام حديثه إنه، رغم صعوبة المشاكل وتعقيدها، فإنه على يقين من إمكانية إيجاد حلول لها بالتفاوض مع مصر ومع الأردن، كما أن المشكلات المتعلقة بالديانات فى القدس ستحل بما يرضى كافة الأطراف دون عناء شديد. ولذلك- قال ديان- فإنه يعتقد أن بالوسع التوصل إلى ترتيب مناسب مع مصر وأن إسرائيل تثق فى السادات ولكنها لا تثق فى الرئيس السورى حافظ الأسد. (ويبدو أن التهامى فهم هذا الكلام بالصورة التى نقلها إلى السادات ورددها بعد ذلك فى كامب ديفيد، عندما ذكر أن ديان أبلغه بأن إسرائيل مستعدة لتلبية مطالب مصر، وعلى رأسها الانسحاب وحل مشكلات القدس).

وهكذا فإن أول اجتماع جرى بصورة مباشرة بين وزير خارجية إسرائيل، موشى ديان، وحسن التهامى انتهى إلى قيام كل جانب بإبلاغ رئيس حكومته لاستمرار اللقاءات بين الجانبين، وأن يتم تبادل وثيقة السلام التى يعدها الجانبان، فإذا ما وافق الرئيسان على هذه المقترحات يتم اللقاء التالى فى المغرب خلال أسبوعين.

بقيت حكاية عن هذا اللقاء رواها ديان، وهى قول حسن التهامى له: إن المخابرات المصرية جندت جاسوساً كان أحد كبار الجيش الإسرائيلى الذى أبلغها معلومات عن هجوم إسرائيل على مصر فيما بين الثالث والخامس من يونيو. فلماذا إذن- هكذا قال التهامى لديان- لم تستعد القيادة العليا المصرية، لاسيما السلاح الجوى المصرى، لهذا الهجوم. ونظر التهامى إلى ديان وقال له: قل لى بصراحة، ألم يتآمر ناصر معكم فى ذلك الوقت؟ وإلا كيف أرسل «ناصر» عبدالحكيم عامر، قائد الجيش المصرى، محلقاً فوق سيناء لزيارة الوحدات فى نفس اليوم الذى قمتم فيه بشن الهجوم؟

****

كان المفروض، حسب الاتفاق، أن يلتقى التهامى وديان مرة ثانية فى المغرب بعد أسبوعين، فى إطار السرية الكاملة التى أحاطت لقاءهما الأول، إلا أن هذا اللقاء لم يتم إلا بعد شهرين وبعد أن وقع زلزال زيارة السادات إلى القدس يوم ١٩ نوفمبر ١٩٧٧!

salahmont@ahram.org.eg