فنجان قهوة

عبد المنعم سعيد السبت 16-05-2015 22:06

جاء صوت وزير الاستثمار معلناً عن قيام شركة مصرية كندية بإنشاء خطوط «المونوريل» بين مدينة السادس من أكتوبر ومدينتى الجيزة والقاهرة. وظهر على الشاشة مشهد لعربة قطار معلقة تشبه تلك التى تأتى فى أفلام الخيال العلمى، تثير الخيال، وتدفع أحلاماً مثيرة إلى العقل بإمكانيات الخلاص من عذابات «محور ٢٦ يوليو» والطريق الدائرى.

شرعت، فورا، الأستاذة لميس الحديدى فى سؤال الوزير عن تفاصيل المشروع، فلم تكن فى الإجابات واحدة مؤكدة، فقد كان الأمر كله لايزال تحت الدراسة والمناقشة، وهى حالة أكثر تقدماً قليلاً من مجرد فكرة. ظهرت خيبة الأمل على وجه لميس، فأنهت الفقرة بعد أن ظهر أنه لم يكن هناك الكثير يقال. فى اليوم التالى على أى الأحوال كانت صورة «المونوريل» الخيالية تحتل الصفحات الأولى من الصحف. لم يمض يوم حتى صدر تصريح شبيه بالبيانات العسكرية، تعلن فيه وزارة النقل أنها المختصة وحدها بكل وسائل النقل، ولا توجد جهة أخرى مفوضة بإنشاء خط للمونوريل الذى لا تحتاج له مصر على أى حال، لأنه من ناحية مكلف، ومن ناحية سوف يخدم الطبقات الغنية، بينما الوزارة مهتمة بالفقراء ومحدودى الدخل. انتهى الموضوع. نحن لا نعرف ما إذا كان مشروع المونوريل لايزال قائما، أم أن وزارة النقل أطلقت عليه رصاصة الرحمة!

سوف تظل الأمور على حالها بين مدن السادس من أكتوبر والقاهرة والجيزة، وفيها توجد أعجوبة، وهى أن المحور فيه درجة معقولة من النظافة، هناك جهد ما مبذول، فإذا ما انتقلت إلى الطريق الدائرى وجدت تراكمات للقمامة تعلم تماما أنها سوف تنتقل إلى سيارتك حال وجود رياح قادمة من أى اتجاه. وهو مشهد فى كل الأحوال يكفى لكى يجعل صحتك فى خطر، غير ما نعرفه عن الأذى النفسى. ولكن، والحق يقال، أنه ما إن تنحرف عن الطريق فى اتجاه جامعة القاهرة فإنك سوف تجد مجددا تلك الدرجة المعقولة من النظافة. سألت عما إذا كان هناك عقاب جماعى قد سقط على السكان الملاصقين لذلك الجزء القذر من الطريق، فكانت الإجابة بالنفى. سألت المسؤولين، فوجدت الإجابة على الوجه التالى: المحور والمخرج إلى جامعة القاهرة يقعان فى نطاق محافظة الجيزة، ومن ثم فإن هيئة النظافة بها تقوم بمهمتها؛ ولكن الطريق الدائرى واقع تحت سيطرة هيئة الطرق والكبارى، التى لا يبدو أن لديها قدرات وخبرة بالنظافة.

عندما قمت بإدارة مؤسسة قومية عريقة اكتشفت أن إداراتها المتعددة لا تتحدث مع بعضها البعض، وأن خطاباً من الإدارة المالية إلى الإدارة القانونية التى تقع فى دور آخر من المبنى- سوف يستغرق ذات الوقت لو أن الخطاب مرسل إلى هيئة خارجية. لم تكن أى من الإدارات تعرف شيئاً عن البريد الإلكترونى، وعندما حاولت حل المعضلة عن طريق اجتماعات للمديرين كان التقدم بطيئاً، وكان معنى ذلك أن النهضة التى أتحدث عنها لن تحدث إلا بعد قرن، وأن ١١٢ مشروعاً لنهضة المؤسسة لن يكون لها مكان.

كان الاقتراح بعد ذلك بسيطاً: ماذا لو قام كل مدير باستضافة المديرين الآخرين، وشرب فنجاناً للقهوة لحل كل المشاكل المعلقة والحصول على التوقيعات المطلوبة. تسارع العمل بالفعل، وأظنه الآن أفضل بعد اكتمال المسيرة الإلكترونية؟ فهل يمكن حدوث ذلك بين وزير الاستثمار ووزير النقل، ليس فقط حول المونوريل، وإنما كل القضايا الأخرى؟ وهل يمكن إجراء لقاء على فنجان قهوة آخر بين السيد رئيس هيئة الطرق والكبارى ومحافظى القاهرة والجيزة لحل مشكلة نظافة الطريق الدائرى؟