أوقفوا هذه المهزلة الإعلامية

صلاح الغزالي حرب السبت 16-05-2015 22:04

أتابع منذ أيام ذلك السجال القائم بين الكاتب الصحفى والإعلامى المتميز د. خالد منتصر وبين المسؤول عن قناة القاهرة والناس، بخصوص الحديث فى أحد البرامج الطبية للقناة عن استخدام الخلايا الجذعية.

وقد أثار هذا الأمر شجونى، وتذكرت ما سبق أن كتبته فى هذا الأمر منذ عدة سنوات فى جريدة الأهرام ثلاث مرات.. المرة الأولى فى 20 /3 /2008 تحت عنوان ناقوس الخطر، وكنت أحذر من استخدام أحد أساتذة الأمراض المتوطنة الخلايا الجذعية فى حالات الفشل الكبدى، وطالبت بالتحقيق فى الأمر.

والمرة الثانية كانت فى 24 /3 /2013 تحت عنوان المدخل الحقيقى، وكنت أعترض على شكل ومحتوى البرنامج الطبى فى قناة القاهرة والناس، عقب مشاهدتى حلقة عن حالات الصلع عند الرجال وحدث فيها تجاوز غير مقبول من مذيع البرنامج.

وفى المرة الثالثة فى 12/9/ 2013 تحت عنوان النداء العاجل، كنت أحذر من الإعلانات عن استخدام الخلايا الجذعية لعلاج مرضى السكرى.. وللأسف الشديد.. لم يتحرك أحد.. ووصل بنا الأمر إلى انحدار شديد فى مستوى الإعلام الصحى فى مصر، والذى يشمل برامج (طبية) تستضيف طبيباً يتحدث فيما يعن له، وخلفه يافطة عليها الاسم وعنوان العيادة أو المستشفى وأرقام التليفونات ومواعيد العمل، نظير مبالغ مالية عالية يدفعها هذا الطبيب إلى المسؤول عن البرنامج.. وهو وضع لا مثيل له فى أى بلد متحضر فى العالم كله.

وهناك برامج أخرى كثيرة تتدثر برداء الدين لجذب الملايين من البسطاء نحو مجموعة من العقاقير مجهولة المصدر أو الأعشاب، بزعم الشفاء من كل الأمراض المستعصية.. والغريب أنها تركز بصفة أساسية على العلاقات الجنسية بصورة فجة وبكل صفاقة.

ثم وصل بنا الحال الآن إلى الحديث المكثف عن استخدام الخلايا الجذعية للقضاء على عقم الرجال عن طريق الحقن فى الخصية واستخدامها للحقن فى شبكية العين لمنع العمى، وحقن النخاع الشوكى لعلاج الشلل، وحقن الكبد لعلاج حالات التليف، وأيضا لعلاج مرضى السكرى.

وحقيقة الأمر علمياً فى هذا الشأن أنه لم يُعتمد عالمياً أى أسلوب لاستخدام هذه الخلايا فى هذه الحالات، باستثناء حالات التجارب فى بعض الأمراض، وفى المراكز المتخصصة، وتحت رقابه طبية صارمة، أما ما يحدث عندنا فى مصر المحروسة فهو خلط فاضح بين الإعلام والإعلان.. ووسيلة رخيصة للارتزاق على حساب المرضى الباحثين عن الشفاء.. هو أمر خطير لا يمكن السكوت عنه، ومن أجل ذلك فإننى أدق ناقوس الخطر من أجل تنقية الثوب الأبيض من دنس الأفاكين.. والنصابين.

وأطالب تحديدا بما يلى:

أولاً: وقف كل البرامج الطبية الإعلانية فوراً، ووضع منظومة جديده للتعامل مع الإعلام الطبى الحقيقى الذى يهدف فقط إلى زيادة الوعى والثقافة الصحية.

ثانيا: أطالب نقابة الأطباء بالعودة إلى ممارسة مهامها الحقيقية، وهى المحافظة على كرامة المهنة، وحماية المواطنين من الجشع والاستغلال.

ثالثا: أطالب وزارة الصحة بإغلاق كل العيادات والمراكز الطبية التى تقوم بهذه الممارسات الخاطئة، وسحب رخصتها، والتحقيق مع المخطئين وحسابهم حساباً عسيراً قد يصل إلى حد الشطب من سجلات النقابة.

أعلم تماماً أن هناك حالة عامة من الفوضى والإهمال واللامبالاة، لكن أن يصل هذا الأمر إلى الممارسات الطبية، والتلاعب بصحة المواطنين واستغلال معاناتهم، فهذا أمر غير مقبول بالمرة، ويجب أن نضع حداً له.