الأهرامات أعجوبة عجائب الدنيا السبع

ممدوح الدماطي السبت 16-05-2015 22:06

نسمع كثيراً عن عجائب الدنيا السبع، ولعل أول ما يتبادر للذهن هو الأهرامات المصرية، خاصة الهرم الأكبر للملك خوفو، وربما لا يعرف البعض أن هذه العجائب تُعرف منذ 22 قرناً من الزمان تقريباً، لذا فهى تُعرف بـ«عجائب الدنيا السبع القديمة»، وقد عُرف تعبير «عجائب الدنيا» فى اللغات الحديثة، نقلاً عن اللاتينية، التى أخذت بدورها عن التعبير اليونانى القديم «theámata»، الذى يعنى «أعمال جديرة بالمشاهدة»، وقد عُرِفَت فى التاريخ لأول مرة فى العصر الهلنستى عندما ذكرها الشاعر الصيدى أنتيباتروس من القرن الثانى الميلادى فى أشعاره، وهى معبد أرتميس فى إفسوس، وأسوار بابل، وتمثال زيوس فى أوليمبيا، وتمثال هليوس الضخم فى رودس، وحدائق بابل المعلقة، والأهرامات، وضريح هاليكارناس، فقال أنتيباتروس، فى أعماله: «بابل المدينة الرائعة، لقد رأيت أسوارها التى تسير عليها العربات. ورأيت زيوس فى أوليمبيا، ورأيت التمثال الضخم لهليوس، وكذلك الحدائق المعلقة، وشاهدت أيضاً العمائر العملاقة للأهرامات على النيل، ورأيت الضريح العملاق، بل عندما شاهدت مؤخراً معبد أرتميس- الذى يرتفع للسحاب- تأثرت كثيراً، وقلت: أليس لهليوس عيون فى غير أوليمبيا المرتفعة ليرى مثل هذا؟»، ثم وجدت إشارات عديدة من الإسكندرية ترجع لنفس العصر، وقد ذكر فيها فنار الإسكندرية بدلاً من أسوار بابل، وكانت الأهرامات تحتل المكانة الأولى فيها، ثم ذُكرت العجائب بعد ذلك عند المؤرخ ديودورس فى القرن الأول الميلادى، ثم سترابون، ثم ذكرها العديد من الكتاب الرومان الذين أصبحوا يذكرون بعضها ويضيفون لها من عجائب العمارة الرومانية مثل الكبيتول، والكلوسيوم (المسرح الرومانى)، ومعبد زيوس فى كيزيكوس، أما كاسيودورس فقد أضاف روما كلها كعجيبة كبرى، ثم توالت إضافة عجائب أخرى، ففى القرن الثانى الميلادى، أضيف قصر الملك الفارسى، ثم عند انتشار المسيحية، أضاف الكتاب المسيحيون بعض العجائب غير القائمة آنذاك، مثل سفينة نوح ومعبد سليمان، ثم أضيفت كنيسة هاجيا صوفيا فى القسطنطينية، وبهذا تعددت عجائب الدنيا القديمة مع مرور الوقت، إلا أن أهم ذكر لهذه العجائب كان فى مصادر الإسكندرية، التى تعد المرجع الأول لعجائب الدنيا السبع القديمة، والتى أضيفت إليها فى العصور التالية عمائر مدينة طيبة، الأقصر الحالية، وتمثالا ممنون، إلا أن الأهرامات كانت- ولاتزال- أعجوبة العجائب.

كانت الأهرامات مقابر ملوك الدولة القديمة الأسرات من الثالثة حتى السادسة (2707- 2216 ق. م)، ويُعرف هذا العصر أيضاً بـ«عصر بناة الأهرام»، لما تميز به من عمارة الأهرامات الضخمة على امتداد الجبانة المنفية من أبورواش شمالاً مروراً بالجيزة وأبوصير وسقارة، ثم دهشور حتى ميدوم جنوباً، وأشهر أهراماتها هى هرم زوسر المدرج ومجموعته الجنزية بسقارة من عصر الأسرة الثالثة، وأهرامات الجيزة لخوفو وخفرع ومنكاورع من عصر الأسرة الرابعة، وكذلك هرما دهشور للملك سنفرو أبوالملك خوفو، ولكى نتعرف على تطور فكرة الهرم، لابد من ذكر هرمى زوسر المدرج وسنفرو المنكسر.

هرم زوسر المدرج ومجموعته الجنزية فى سقارة، الأسرة الثالثة حوالى 2700 ق. م، وقد أقامها المهندس المعمارى النابغة إيمحوتب، وتعد هذه المجموعة الجنزية أول عمل معمارى متكامل من الحجر، وكان الهرم المدرج لزوسر أول هرم عرفته الحضارة المصرية، ولم يصمم هرم زوسر على هذا الشكل من البداية، فقد خطط ليكون فى شكل مصطبة ضخمة أدخل عليها المهندس إيمحوتب عدة تعديلات حتى وصل به لشكله النهائى كهرم مدرج من ست درجات.

هرم سنفرو الجنوبى فى دهشور، وكان سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة حوالى 2640 ق. م، ومن أهم ملوكها، بنى لنفسه هرمين فى دهشور يعد الشمالى منهما أول هرم حقيقى، أما الجنوبى فكان المرحلة السابقة مباشرة للهرم الحقيقى، ويعرف باسم الهرم المنكسر، لما له من شكل هندسى ذى زاويتى ميل، ويتميز هذا الهرم بوجود مدخلين منفصلين يؤدى كل منهما إلى حجرة دفن مستقلة، ويرتفع هذا الهرم 101م على قاعدة طول ضلعها 188م.

أما أهرامات الجيزة الثلاثة للملوك خوفو (2604-2581 ق. م) وخفرع (2572-2546 ق. م) ومنكاورع (2539-2511 ق. م) من عصر الأسرة الرابعة، فتعد أعجوبة الأهرامات المصرية، وهرم خوفو الأكبر بالجيزة هو أعجوبة العجائب، وهو من أعظم ما خلفه لنا فن المعمار المصرى القديم، وكان خوفو (2604-2581 ق. م) من أعظم ملوك الأسرة الرابعة، ويتسم هرمه بدقة البناء وتكامل النسب والمقاييس، وكان يرتفع الهرم 146م، وهو حالياً 137م، بسبب سقوط بعض أحجار من قمته، ومساحة قاعدته 230م × 227م، وبنى بزاوية ميل 51°، وقد استغرق العمل فيه حوالى 20 عاما، مستخدما حوالى 100000 عامل، ويتراوح عدد الكتل الحجرية المستخدمة حوالى 2300000 حجر يتراوح وزنها ما بين 1.5 طن و15 طنا.

ويُعتقد أن الهرم بُنى بأسلوب الطريق الصاعد، وهو طريق يبدأ حول المستوى الأول عند بدء البناء، ويرتفع مع الهرم كلما ارتفع البناء، بحيث يلف حول الهرم، وكانت تسحب عليه كتل الحجر المستخدمة فى البناء حتى تصل إلى أعلى قمة الهرم، ثم يبدأ العمال فى إزالة هذا الطريق عند اكتمال البناء من أعلى إلى أسفل، مع إضافة الكساء الخارجى الأملس الذى كان يغطى أسطح الهرم الخارجية بالكامل.

* وزير الآثار