منذ أيام لفت نظرى ما جاء فى إحدى الصحف المستقلة. حديث كامل مطول عن صلاح دياب. يمدح فيه- أو هكذا يبدو. أصبغ عليه أوصافاً تتجاوزه. عبقريات وخلافه. إلى أن وصل إلى ما معناه أنه رجل يغير مواقفه وفق كل ظرف. مرات فى صورة رجل أعمال- أو مستثمر ناجح. مرات أخرى فى صورة سياسى. ثالثة فى صورة ناشر. ذكر كل هذا بإعجاب. ما أكد لى أن الكاتب الذى يسمى نفسه مجهلاً باسم «ابن الدولة». لا يعرف من يكتب عنه جيداً. يقول فيه ما قد يتمناه له. أو ينضح عليه بما فيه هو.
صلاح دياب هو صديقى منذ نشأتنا. عندما طلب منى أن أكتب هذا العمود. قبلت لأسباب كثيرة. هناك سمات مشتركة تجمعنا. هو رجل أعمال- وأنا رجل أعمال. هو فى مثل عمرى. يعلم جيداً أن أفكارى ليست للبيع، لذلك لا أتقاضى أجراً على ما أكتب. فى المقابل لم أره أبداً يبيع نفسه من أجل قرض. من أجل ربح أو صفقة. مثلى لا يحب الأضواء. قد تصله رغماً عنه. تجمعنا دائماً الصفوف الأخيرة فى أى تجمع نحضره. لم تغيره الأيام منذ أن كان طالباً معنا. لا يتكابر مع الصغير. ولا يتصاغر مع الكبير. عندما أراد أن يتطوع للخدمة العامة اختار حزب الوفد. اختيار ضد مصالحه بالتأكيد. لو اختار الحزب الوطنى لكان نجماً بلا شك. لكنه سيكون اختياراً يشوبه الوصولية والهوى.
أهم ما يجمعنا هو حبنا للقراءة. أحياناً أشير عليه ببعض الكتب. نناقشها ولو بالتليفون. نقبل منها أجزاء ونرفض أجزاء. ونقترح تعديلات وزيادات على كل ما نقرأه. لكن على أى حال لا يستولى علينا الكاتب أو المحاضر. نحن كما لو كنا نشاهد أحداثا من شرفة بعيدة. كل هذه الأسباب وغيرها شجعتنى أن أقبل عرضه للكتابة اليومية.
كنت أظن الأمر سهلاً. الحقيقة أنها ورطة.
فى بعض الأحيان أجد مخرجاً إذا جاءتنى رسائل عبر الـemail. إذا وجدت ما فيها يستاهل النشر. تكون إجازة من الواجب اليومى. محطة لالتقاط الأنفاس.
عزائى الوحيد هو استجابة بعض القراء لهذا العمود. أراهم يتهامسون. من هو هذا النيوتن. كثيرون يقطعون أنه فلان. أو أنها أفكار فلان. ولكن بقلم آخر. لا بأس.
المشكلة أننى لست كاتبا محترفا. منطلقا بلا حسابات. الحقيقة أن لى انحيازاتى التى تقيدنى. تظهر واضحة فى أحيان كثيرة. ببساطة.
للصغير إلى أن يكبر.
للضعيف إلى أن يقوى.
للمظلوم إلى أن ينصف.
للجريح إلى أن يشفى.
انحيازات قد لا يسمح بها المزاج العام هذه الأيام.