وزير العدل يقول إن ابن عامل النظافة لا يصلح أن يكون قاضياً لأنها مهنة تتطلب وسطاً معيناً لصاحبها، فيما يمكنه بالطبع أن يقوم بأعمال أخرى.. الله سبحانه وتعالى هو الوحيد الذى يملك الحقيقة المطلقة لأنه يرى الأشياء من كل الزوايا فى الوقت نفسه، أما نحن فنراها من زاوية ونجتهد أن نختلس النظر عبر زوايا أخرى. دعونا اليوم ننظر للأمور بعيداً عن موضوع «أنا كاتب مثقف وضد الطبقية وكلنا سواسية وارحل يا وزير العدل». فهذه الحماسيات لابد أن تختفى من حياتنا ليحل محلها المنطق، فمواجهة وزير العدل لا تكون بتقلد منصب وزير الهيصة!
نحتاج للتفريق بين الكلام الصادم والكلام الخاطئ فهما ليسا شيئاً واحداً بالضرورة. وزير العدل لم يخطئ فى مضمون ما قاله، وإن أردت عزيزى القارئ ألا تُكمل فاضغط على أصابعك لـ«تكرمش» الجريدة، أما إن أردت الاستمرار فاضغط على أعصابك واقرأ أربع ملاحظات فقط:
1- ما الذى يضايقنا تحديداً: الحقيقة أم التصريح بها؟ وزارات الدفاع والخارجية والداخلية تفعل هذا أيضاً. الطبقية جزء من يقين الشعب، والدولة تُفعل هذا اليقين. الدرس المستفاد هو أنه ليس كل ما يُعرف يُقال فالناس تتعايش مع القُبح لكن ترفض الإعلان عنه!
2- هناك فرق بين الفقر وثقافته؟ فالأول عادى، وأنا أعيش تحت مظلته، لكن الثانية ليست عادية أو مقبولة ولا يمكن لحاملها أن يتصدى للعمل العام بكفاءة ويكون أميناً على الآخرين، الحل هنا أن نبحث عن آليات تمرر الأكفاء من أفراد الطبقات المتدنية وتستبعد غيرهم، ولحين حدوث ذلك لا مفر من استبعادات تعسفية بالجملة كما هو الواقع الآن. ولا يعنى ذلك- كما هو واضح- أن من ينتمون للطبقات العليا أكفاء ومؤهلون بالضرورة، لكن من المرجح أن نسبة الكفاءة تزيد بارتفاع الثقافة والوعى.
3- الردود من عينة أن بعض رؤساء أمريكا شغلوا يوماً ما أعمالاً متدنية تغفل أن طبيعة المجتمع الأمريكى تجعل غالبية الطلاب يعملون أثناء دراستهم ولا يمكن أن نعتبر أن هذا هو مجالهم الأصلى، كما أن أشهر من ينطبق عليهم ذلك «ليندون جونسون»، وقد كان أحد أسوأ الرؤساء وشهرته أنه الأكثر كذباً. وأيضاً «ريتشارد نيكسون» وقد كان فاقداً للكفاءة وتم طرده من البيت الأبيض. وفى كل الأحوال ولا داعى للتذكير أننا فى شمال أفريقيا ولسنا فى أمريكا الشمالية.
4- على كل شخص مستعد لتزويج ابنته من ابن البواب أو بائعة الخضار أن يُلقى وزراء العدل والداخلية والخارجية والدفاع بحجر أولاً.