حينما يتحول الشعب كله إلى حزب!

عبد الرحمن فهمي الثلاثاء 12-05-2015 22:05

هل ضرورى أن يكون المرشح رئيساً لجمهورية ما وأن يكون له حزب.. سواء كان رئيساً للحزب أم حتى عضواً؟

- فى الدول الديمقراطية.. بل العتيقة فى الديمقراطية يترشح رؤساء الأحزاب.. لماذا؟!.. أقول لك لماذا؟.. لأن فى البلاد الديمقراطية.. العتيقة فى الديمقراطية لا ينتخبون الشخص، بل يعطون أصواتهم للحزب الذى يمثله هذا الشخص.. بل الناس لا تعطى أصواتها للحزب.. إنها تعطى أصواتها لبرنامج هذا الحزب بغض النظر عمن يمثله!!

فى إنجلترا.. ما إن اندلعت الحرب العالمية الثانية فى سبتمبر 1939 أجريت انتخابات بعد أسابيع لينجح تشرشل وحزب المحافظين بأغلبية ساحقة ويتولى رئاسة الوزارة فى بداية 1940، وحقق تشرشل معجزة بكل المقاييس لم يكن أحد يتوقع قط فوز إنجلترا فى الحرب، ولا تشرشل نفسه الذى أعلنها صراحة أن هتلر خسر حرباً سهلة للغاية لغبائه ليس إلا.. لقد قالها تشرشل صراحة فى مجلس العموم الذى كان يجتمع كل ليلة فى مخبأ تحت الأرض.. قال تشرشل حينما انهار «خط ماجينو» على طريقة خط بارليف الإسرائيلى.. عندما انهار ماجينو وزحف هتلر بلا أى مقاومة داخل فرنسا، وأعلنت باريس أنها «مدينة مفتوحة» يعنى رفعت العلم الأبيض مستسلمة حتى لا يهدم هتلر أجمل مدينة فى العالم.. فى هذه اللحظة قالها تشرشل: لو نزلت جيوش هتلر على شط إنجلترا لن تجد مقاومة سوى من الشعب!! لأن الجيش وحده لن يستطيع المقاومة.. وظن هتلر أن تشرشل يخبئ له «مفاجأة»!! فاكتفى بوضع مدافع بعيدة المدى على شاطئ فرنسا ليضرب ساحل إنجلترا!!

نفس هذا السيناريو كان سائداً فى مصر قبل «الثورة المباركة»!! إذا أجريت انتخابات حرة بلا تزوير أو ضغوط كان الوفد يفوز.. ولولا العداء الشديد الذى تكنه السراى للوفد لنجح الوفد دائماً.. ولكنه كان يسقط دائماً إلا حينما تتدهور الأوضاع وتحتاج البلد لانتخابات «حقيقية» نزيهة.. كان الشعب دائماً يميل لمصطفى النحاس.. وينتخب أعضاء الوفد.

بعد الثورة.. وإعلان الجمهورية تغير الوضع تماماً.. أصبحت استفتاءات.. كان من الطبيعى أن ينجح محمد نجيب ثم جمال عبدالناصر بلا حزب طبعاً.. ثم بدأ عبدالناصر «بعد الاستفتاء» يفكر فى حزب «وحيد» وهذه قصة أخرى.. ثم جاء أنور السادات يعلن إنشاء «منابر» سياسية.. يعنى أحزاباً بلغة ملتوية.. ثم أصبحت أحزاباً بصراحة بل أعلن تشكيله لحزب برئاسته سماه «مصر»!! هرول الجميع لعضوية الحزب!! ثم أراد السادات أن يحارب «النفاق» فأعلن استقالته من حزب مصر، وأعلن تشكيله لحزب آخر.

- لماذا أكتب كل هذا؟!

- لأن من خير نصوص الدستور أنه لا يتيح تشكيل حزب لرئيس الجمهورية بعد انتخابه.. نص رائع بعدما عاصرنا مهازل أحزاب عبدالناصر ثم السادات.. الكارثة الصحفية والإعلامية أن وسائل الإعلان تهاجم الدستور وتقول كلاماً غريباً.. تقول وسائل الإعلام إن كل الرؤساء لهم حزب.. ويضربون بأردوغان «تركيا» وأوباما «أمريكا» وهولاند «فرنسا» كأمثلة!! نعم هؤلاء وغيرهم لهم أحزاب قبل الانتخابات وترشحوا ممثلين «لمبادئ» أحزابهم.. ونعم من المستحسن أن يكون المرشح له حزب قبل الترشح.. ولكن بعد الترشح لا ثم لا.. ثم لا.. ولا بعد النجاح فى الانتخابات أيضاً.

يقول بعضهم إن هناك ضرورة لأن تستند مصر الجديدة إلى كيان حزبى له قدر وقيمة.. ونشأة حزب قوى للرئيس هى التى ستدفع الآخرين لتقوية أنفسهم.. طيب لماذا لم تفلح الأحزاب الموجودة الآن فى تقوية نفسها خلال وجود حزب لمبارك؟!

يقولون: لابد من تغيير الدستور لخلق تيار ووعى حقيقى عند الناس بوجود حزب للرئيس.

«آسفين».. الرئيس حوّل الشعب كله إلى حزب له تيار ووعى حقيقى.. وعى يحسدنا الناس عليه.. نعم.. نعم.. يستحسن أن يكون المرشح للرئاسة له حزب قبل الانتخابات بمدة.. ولكن ليس شرطاً ضرورياً.