اللاجئون في مصر عبء أم إضافة؟

مروة نظير الجمعة 08-05-2015 21:00

منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، تستقبل مصر أعدادا غير قليلة من المهاجرين وطالبي اللجوء، حيث ارتبط ذلك في البداية بعدم الاستقرار السياسي والصراعات والحروب الأهلية في منطقة القرن الأفريقي، خاصة السودان وإثيوبيا وإريتريا والصومال ثم جاء الغزو الأمريكي للعراق ليضيف العراقيين إلى فصائل اللاجئين القاصدين لمصر، إذ أضحى العراقيون يتدفقون إلى مصر منذ عام 2003.ومع الموجات المختلفة للربيع العربي وما يرتبط بها من أحداث عنف تشهد مصر تدفق فئات جديدة من اللاجئين من ليبيا واليمن. فضلا عن السوريين الذين أصبح لهم حضور خاص خلال السنوات القليلة الماضية.

الملامح العامة لخارطة اللاجئين في مصر

هناك العديد من علامات الاستفهام حول العدد الفعلي للاجئين وطالبي اللجوء الذين يعيشون بمصر لاسيما في القاهرة، إذ يتراوح هذا العدد وفق التقديرات المختلفة بين 500 ألف و3 ملايين شخص، ينتمون إلى 38 جنسية مختلفة، من أبرزها السودان والصومال وإثيوبيا وإريتريا، فضلا عن بعض اللاجئين من أفغانستان وبوروندي وإيران وليبيريا ورواندا وسيراليون واليمن والعديد من الدول الأفريقية وجنسيات أخرى، وهناك من ناحية أخرى ما يقرب من 700 ألف فلسطيني ينتمي معظمهم إلى قطاع غزة والضفة الغربية ترك غالبيتهم فلسطين فى عامي 1948 و1967. ولكن وفقا لبيانات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في يوليو 2012، وصل العدد الرسمي للاجئين إلى حوالي 44,670 من طالبي اللجوء، واللاجئين معظمهم يعيش في القاهرة.

ويقطن بالقاهرة العديد من اللاجئين ينتمون إلى جنسيات مختلفة؛ بعضهم من كبار السن الذين يقيمون في مصر منذ عقود وبعضهم من الوافدين الجدد. ووفق تقرير مفوضية اللاجئين عن العام 2012 ، يتركز اللاجئون في أحياء بعينها بالقاهرة أهمها: عين شمس وتغلب عليها تجمعات من اللاجئين السودانيين لاسيما من جنوب السودان، مدينة نصر خاصة منطقة الكيلو 4 ونص ويقطن بها السودانيون و الصوماليون. أما مناطق الدقى، أرض اللواء، بولاق الدكرور فيقطنها لاجئون من إريتريا، إثيوبيا، إريتريا، السودان. فضلا عن مناطق مصر الجديدة، العباسية، السكاكيني، عرب المعادى، حدائق المعادي، ويتركز بها لاجئون من جنسيات مختلطة. في حين يتركز العراقيون بشكل أساسي في مدينة السادس من أكتوبر. وبالمثل يتركز اللاجئون السوريون في مدينة 6 أكتوبر خارج القاهرة، ومنطقتي الهرم، وفيصل، ومدينة العبور، ومدينة نصر، والرحاب، بالإضافة إلى عدد محدود بمدن الإسكندرية ودمياط وبورسعيد وبعض مدن الدلتا.

ومن الملاحظ أن الأحياء السكنية التى يقطنها اللاجئون تتنوع ما بين أحياء ذات مستوى اقتصادي/ اجتماعي مرتفع (كالدقى، المعادي)، وأحياء شعبية مثل الكيلو أربعة ونص في مدينة نصر. ويعيش المصريون واللاجئون في بيئة مختلطة، حيث لا توجد جيوب خاصة باللاجئين، حتى في الأحياء ذات التركيزات العالية للاجئين، فغالبا ما تكون بها أغلبية من الفقراء المصريين.

لمذا يقصد اللاجئون مصر؟

هناك العديد من الأسباب التي تجعل مصر جهة مرغوب اللجوء اليها لعل أهمها القرب الجغرافي بينها وبين الدول الطاردة للاجئين، فضلا عن أنها توفر فرصا للتوطين في بلد ثالث، إما من خلال برامج التوطين التي تتيحها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو البرامج الخاصة ببعض البلدان من خلال سفاراتها في القاهرة (مثل كندا وأستراليا والولايات المتحدة وفنلندا). ومن أمثلة تلك البرامج إعلان الخارجية الأمريكية في العام 2008 عن برنامج موسع في مصر والأردن لإعادة توطين اللاجئين العراقيين المتواجدين في البلدين والتقدم بطلب لإعادة توطينهم ضمن برنامج «قبول اللاجئين» الامريكي تحت رعاية منظمة الهجرة الدولية، وبموجبه يمكن للاجئين العراقيين الذين تنطبق عليهم الشروط الذهاب إلى الولايات المتحدة للتوطين هناك دون الحاجة إلى توصية من مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والسفارة الأمريكية.

مكاسب أم خسائر؟

يشهد المجتمع المصري من آن لآخر جدلا حول قضايا ذات صلة بالتأثيرات المباشرة أو غير المباشرة لوجود تجمعات من اللاجئين، فتثار في بعض الأحيان قضايا مرتبطة بمحاولات بعض اللاجئين السودانيين والأفارقة التسلل عبر الحدود الشمالية للبلاد ودخول إسرائيل بطريقة غير مشروعة، في حين يثور جدل دائم حول التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لوجود اللاجئين في مصر من قبيل ما يتعلق بأسعار العقارات، وتأثيرهم على سوق العمل، والضغط على الخدمات والمرافق، والعشوائية والتسول، ومشكلات الزواج...إلخ، فضلا عما يثار عن بعض التأثيرات المرتبطة باختلاف الخصائص الثقافية بين جماعات اللاجئين والمجتمع المصري. من ناحية أخرى، يبدو أن هناك انعكاسات سياسية وأمنية مباشرة ترتبط بوجود اللاجئين في مصر، خاصة مع ما أثير عن مشاركة بعض السوريين والفلسطينيين في التظاهرات وأحداث العنف التي شهدتها البلاد في أعقاب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في يوليو 2013.

هناك العديد من علامات الاستفهام حول تأثيرات اللاجئين على المجتمع المصري؛ فهناك اتجاه يرى أن وجود اللاجئين بأعداد كبيرة قد ألقى بعبء كبير جداً على إمدادات المياه والتيار الكهربائي التي تعاني أصلاً من كثافة الطلب وكذلك على قطاعي السكن والتعليم، لاسيما في ظل الصعوبات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها مصر منذ ثورة عام 2011 .

وهو ما يجعل خيار التوطين في بلد ثالث يعد خيارا مرغوبا فيه من قبل الحكومة المصرية واللاجئين على حد سواء، لاسيما مع صعوبة اندماج بعض اللاجئين في المجتمع المصري، فضلا عن أن عددا كبيرا من طالبي اللجوء الذين ترفض مفوضية اللاجئين منحهم وضعية اللاجئ إلى مهاجرين غير شرعيين.

ولكن على الجانب الآخر، تشير بعض التحليلات إلى أن تواجد اللاجئين فى مصر يعد مصدراً مهماً من مصادر دخول العملة الصعبة عن طريق التحويلات الخارجية، كما أن بعض أصحاب المشروعات التجارية مثل المطاعم والمقاهى يستخدمون اللاجئين للعمل فى هذه المشروعات، فمثلاً المطاعم الموجودة فى منطقة الكيلو 4.5 والتى تقدم الوجبات الشعبية التقليدية للاجئين السودانيين تستعين باللاجئين لخبرتهم ودرايتهم بهذه الخدمات. كما يؤكد البعض على أن معظم اللاجئين الليبيين الذين أتوا أحضروا معهم أموالهم كما أن لديهم علاقات قرابة داخل مصر ولديهم أيضا أعمالهم المرتبطة بالجانب المصري وهو ما ساعدهم على الاستقرار في مصر سريعا.

وفي السياق ذاته، تشير بعض التقارير إلى أن الاقتصاد المصري شهد ضخ قدر كبير من الأموال التي حولها رجال أعمال سوريون هاربون من نظام بشار الأسد إلى مصر، حيث يتم استثمارها في العقارات والبورصة والقطاع الصناعي، كما يفضل العديد من السوريين المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتجارة التجزئة كمجال لاستثمار أموالهم، فمعظم من ينتمون إلى الطبقة البرجوازية في سوريا فضلوا اللجوء إلى مصر لسهولة إجراءات الدخول والخروج منها وسهولة الحصول على إقامة، بالإضافة إلى توافر الأيدي العاملة الرخيصة والطاقة. ويقدر البعض الاستثمارات السورية داخل مصر بما يتراوح بين 400 و500 مليون دولار، في حين يقدرها آخرون بأكثر من ذلك، خاصة أن السوريين باتوا يتعاملون بغزارة مع البنوك المصرية من حيث الإيداعات وفتح الحسابات.