فوكس والفضائيات

رشا علام الخميس 07-05-2015 19:03

فيلم تسجيلي قصير، يقوم فيه مجموعة من الخبراء بتقييم قناة فوكس نيوز الإخبارية المؤيدة للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية، بعنوان «أوت فوكسد» OutFoxed، ويتطرق المحللون في هذا الفيلم لكثير من الانتهاكات التي كانت تمارسها قناة فوكس الإخبارية من أجل خدمة أجندتها السياسية.

يوضح الفيلم من خلاله حوارات أجريت مع مقدمي برامج ونشرات إخبارية ومراسلين، سبق لهم العمل في قناة فوكس، وكيفية انتهاك القناة لكثير من المعايير الأخلاقية، مما كان السبب في استقالتهم أو توقف العمل مع القناة.

لم يكن دور مجلس إدارة قناة فوكس محددًا في وضع استراتيجية القناة فقط، بل كان له دور رئيسي في تحديد طريقة تناول الأخبار، فكان يتدخل في السياسة التحريرية من خلال إرسال توجيهات لمقدمي البرامج عبر البريد الإلكتروني عن توقعاته لكيفية صياغتهم الأخبار بطريقة محددة.

فعلى سبيل المثال، تناولت وسائل الإعلام المختلفة داخل وخارج أمريكا صور سجناء سجن أبوغريب وطرق التعذيب اللاإنسانية التي مارسها بعض أفراد الجيش الأمريكي ضد السجناء. لم تكن في استطاعة فوكس تجاهل الخبر ولكنها طلبت من مذيعيها التركيز على الجندي الأمريكي الذي أُخذ رهينة (في وقت متزامن مع نشر صور سجناء أبوغريب) وكان مغمى العينين وطلبت الثأر له من خلال استعطاف المشاهدين معه، لشد انتباههم عما ينشر ويذاع عن الجرائم الأمريكية في سجن أبوغريب.

«موضوعي ومتوازن»، هو شعار معظم البرامج على شاشة فوكس الإخبارية، بالرغم من أن الدلائل تؤكد عدم الالتزام بالمهنية أو التوازن في تناول المواضيع.

يعتمد مذيعو البرامج والمراسلين على خلط الخبر برأيهم الشخصي من خلال تجهيل المصادر، أي إسنادها لمصدر رفض ذكر اسمه، كوسيلة لتمرير آرائهم السياسية بطريق غير مباشر، مما يتناقض مع الصحافة المهنية التي تقدم الحقائق وليس الآراء الشخصية.

يستطرد المحللون بعدم اكتفاء مقدمي البرامج بإقحام آرائهم السياسية، بل يقومون بعقد اتفاقيات مع بعض الضيوف الذين تتم استضافتهم، ودفع مبالغ شهرية مقابل تفرغهم وعرض وجهة نظر القناة السياسية. فعملية اختيار الضيوف تتم من خلال انتماءاتهم السياسية وليس لقدرتهم على تقييم الأخبار.

وبالرغم من التزام قناة فوكس بعرض الرأي والرأي الآخر إلا أنها قادرة على تمثيل رأيها من خلال ضيف مؤثر بمظهره ولباقته في الحديث، أما الجانب المعارض فيأتي ممثلاً في ضيف ضعيف، غير قادر على إظهار وجهة نظره.

يوضح الفيلم أن تدخل رأس المال في السياسة التحريرية لوسائل الإعلام، يُفقد الإعلام دوره الأساسي بمراقبة أداء مؤسسات الدولة المختلفة، وضرورة عدم التحيز معها أو ضدها. من حق الإعلام أن يهدف للربح ولكن ليس من حقه أن يتعدى على حق المواطن في المعرفة، ليس من حقه أن يتخلى عن مسؤوليته تجاه المجتمع.

قد تكون هناك أوجه تشابه بين تلك الانتهاكات ومثيلتها في الإعلام المصري، مما يؤثر على مصداقية تلك الوسائل الإعلامية. لذلك يحتاج المشهد الإعلامي إلى تقييم لأدائه ومراجعة مهامه والتأكد من دوره حتى يكون صادقًا مع جمهوره.