سيدة المطار وفتاة الأوليمبياد

ياسر أيوب الخميس 07-05-2015 21:34

لم تكن حكاية سيدة المطار هى الفيلم الفضائحى الوحيد الذى توالت مشاهده، وبات الإعلام ينقلها للناس أولاً بأول.. علماً بأن الفضيحة هنا ليست فقط تخص صاحبة الفيلم وبطلته، ولكنها فى الحقيقة فضيحة لكثيرين جدا.. سواء الذين تعاطفوا مع تلك السيدة، وساندوها، والتمسوا لها ألف عذر لم ولن تجد مثلها أى امرأة فقيرة لا تملك أسرة ونفوذاً ومالًا، أو الذين انهالوا بسكاكينهم فى قلب هذه السيدة دون أى تمهل أو انتظار لأى تحقيق رسمى أو احترام لمبدأ البراءة حتى تتم الإدانة، وطاردوها بالأكاذيب والشائعات.

أما الفيلم الفضائحى الثانى الذى جرى تصويره فى نفس الوقت تقريبا، فكان يخص فتاة فقيرة بسيطة معاقة ذهنيا تم اغتصابها منذ أيام فى إحدى مدن القناة.. ولأن هذه الفتاة أصلاً لاعبة رياضية، وسبق لها أن كانت بطلة للعالم فى ألعاب القوى فى الأوليمبياد الخاص بأثينا للمعاقين ذهنيا، وتستعد للمشاركة قريبا فى الأوليمبياد الخاص للمعاقين ذهنيا بالولايات المتحدة- فقد انفتحت شهية إعلامنا لمزيد من التوحش وافتراس هذه البطلة الرياضية الصغيرة التى لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها.

وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، بقيت أتابع أحداث هذا الفيلم الذى ربما لم يحصد نفس النجاح الذى ناله فيلم سيدة المطار من نجاح وشهرة.. ربما لأن البطلة فى الفيلم الثانى ليست امرأة جميلة وقوية وغنية، وليست فى حياتها وحكايتها تلك الأسماء الكبيرة والشهيرة التى تفتح شهية المزيد من الذئاب.. ورغم ذلك كان هناك عدد كاف من الذئاب الذين استمتعوا بافتراس البطلة الرياضية الصغيرة، فجَرَت جيوش وجحافل إعلام الذئاب تحمل كاميراتها وميكروفوناتها وأقلامها لمحاصرة الفتاة المعاقة ذهنيا والضغط عليها أو إغراء أسرتها بالمال، من أجل إتاحة الفرصة لمن يريد من جمهور الدم والفضائح للفرجة على فتاة معاقة ذهنية تحكى كيف تم اغتصابها.

ولم أعرف، وأظننى لن أعرف أو أفهم أبدا ما السبق والانفراد أو النجاح الإعلامى فى إغواء أو إجبار مثل هذه الفتاة لتتحدث عما جرى لها.. ما هى هذه المتعة الغريبة والشهوة الرخيصة فى تجريد الناس من ثيابهم وخصوصياتهم حتى لو كانوا فقراء أو معاقين ذهنيا؟! وبالطبع انفض المولد قبل أوانه، وانتهى الفيلم قبل اكتماله، بعدما أعلنت مصلحة الطب الشرعى أن الفتاة لاتزال عذراء.. فكانت صدمة لهواة هتك الأعراض بكافة السبل والوسائل والأضواء.. وحتى هذا الإعلان تحول إلى فرصة أخيرة لكل من لم يلحق هذا القطار فى بداية رحلته ليقفز فيه حتى وهو يدخل محطته الأخيرة.. فتكلموا وكتبوا عن بطلة العالم التى أثبت الطب الشرعى أنها لاتزال عذراء.. وطبعا لم ينس هؤلاء الصورة والاسم الثلاثى الكامل للفتاة والإصرار على أنها بطلة عالمية وأوليمبية.. فالذى قد لا تجذبه حكاية اغتصاب عادية فى مجتمع لم يعد نصفه يمانع من اغتصاب النصف الآخر.. سيعجبه بالتأكيد اغتصاب بطلة للعالم أو تجريد ميدالية أوليمبية من ثيابها وهتك عرضها وحيائها وتدمير أسرتها، وأن يدوسوا بأحذيتهم الثقيلة كل قواعد الإعلام والاحترام والأخلاق أيضا.

yayoub@7-ayam.com