الرئيس والإعلام «غرام وانتقام»

كتب: هشام الغنيمي الخميس 07-05-2015 13:30

بين بلاط صاحبة الجلالة، وقصر الرئاسة صراع لن ينتهى.. من حاكم يرى أن «الصحفيين لبط وعاملين نفسهم أبو العريف ومش فاهمين حاجة»، إلى رئيس «يعتبر الإعلام سندا له فى الحرب على الإرهاب والحفاظ على الدولة ويطالبهم بالاصطفاف».

حسنى مبارك

«أول القصيدة كفر»

«خليهم يغلطوا.. عشان الناس تعرف إنهم لا يعرفون شيئا، فالصحفيون يدعون أنهم يعرفون كل شىء وأنهم فالحين قوى، فالأفضل إنهم ينكشفوا أمام الناس على حقيقتهم وأنهم هجاصين ولا يعرفون شيئا».

كلمات قالها الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، فى أول لقاء جمعه بالكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، ذكرها فى كتابه «مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان»، عن تفاصيل من حكم مبارك، وكيف كانت رؤيته للصحافة والإعلام، على غرار «خليهم يتسلوا» التى قالها عن المعارضة، بعدها بعقدين من الزمان.

وأضاف أن «نظرة مبارك للصحفيين أنهم (لبط وعاملين نفسهم أبو العريف وهم مش فاهمين حاجة)»، بحسب وصفه.

احتوى دستور مبارك بتعديلاته على عبارات غامضة حول حدود حرية التعبير وتداول المعلومات، ترك تفسيرها للقانون، فأصدرت الحكومات المتعاقبة تشريعات سلبت من الصحافة حريتها واستقلالها، وسلطت سيف الرقابة والمنع والمصادرة والسجن والغرامة على رقاب من تسول له نفسه عمل أى فعل تراه السلطة «تجاوزا للخط الأحمر».

المجلس العسكرى

و«العسل المر»

بعد ثورة كان شعارها «عيش.. حرية.. كرامة إنسانية».. كثيرون اعتبروا سقوط نظام الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، نهاية للرقابة المباشرة وغير المباشرة على الصحف، والإعلام.

لكن الواقع المؤلم الذى صفع الجميع، أثبت أن العكس هو ما حدث، فتزايدت حدة التدخلات الرقابية على الصحف والقنوات التليفزيونية، وأصبح الوضع أقرب لحقبة الستينيات، وزمن الرقابة حينما كان هناك رقيب معين من قبل السلطة فى الصحف يقوم بمراجعة كل المادة قبل نشرها واستبعاد ما يريد.

وشهد ملف الصحافة إهمالا واضحا بعد حل مجلس الشورى ونقل تبعية المؤسسات القومية إلى مجلس الوزراء وتم تكليف نائب رئيس مجلس الوزراء، آنذاك، الدكتور يحيى الجمل لإدارة شؤونها وإجراء تغييرات للقيادات الصحفية، فاعتبره الصحفيون إسنادا لأمر الصحافة لمسؤول حكومى وأنه إجراء غير قانونى.

محمد مرسى

«القمع للجميع»

الطريق إلى التمكين.. «من أهلى وعشيرتى.. إلى اغضب يا ريس»

«لا مساس بحرية الإعلام، ولن يُقصف قلم أو يمنع رأى، أو تغلق قناة أو صحيفة فى عهدى».. وعود قطعها على نفسه المرشح الرئاسى، آنذاك، محمد مرسى، فى أحد البرامج التليفزيونية، وما إن أمسك بالسلطة حتى أخلفها. بعد انقضاء فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فى ذلك الوقت، وإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، التى حصدها مرشح جماعة الإخوان المسلمين، محمد مرسى، 9 أشهر فقط أظهرت الوجه الحقيقى للسلطة الحاكمة فى تعاملها مع وسائل الإعلام المختلفة، حيث أصبح القمع هو اللغة السائدة، والتمكين فى جميع مفاصل ومؤسسات الدولة هو أكثر ما تسعى إليه.

وأظهرت إحصائية أصدرتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن 600 بلاغ تم تقديمها ضد الإعلاميين فى عهد مرسى، بينما أكدت الشبكة العربية لحقوق الإنسان أن الاستهداف القضائى للصحفيين والإعلاميين وقتها أكثر من عهد الرئيس الأسبق مبارك، وأن مرسى كان مدفوعا بقوة من الإخوان للانتقام من خصومه ومنتقديه فى الصحافة والإعلام والذين وصل بهم الحال فى أحد المؤتمرات الصحفية أن يطلبوا منه صب جام غضبه على كل من يعارضه بهتافهم الشهير «اغضب يا ريس».

عبدالفتاح السيسي

«30 يونيو».. «حى على النظام»

كان من اللافت أن بيان 3 يوليو 2013 الذى ألقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى، والذى تناول خارطة الطريق خلال المدة الانتقالية بعد عزل محمد مرسى نص على فقرة خاصة بالإعلام: «وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن». وبصدور الدستور فى يناير 2014، والذى اعتبر مجملا أكثر تقدما من سابقه فى هذا الملف، رغم بعض الملاحظات خاصة الإبقاء على بعض المواد التى تجيز الحبس فى بعض قضايا النشر والإبداع، وتجاهل المادة الخاصة التى تجيز حق الإعلاميين والصحفيين فى الحصول على المعلومات، لكن الميثاق لم يوضع.. والقوانين فيما يبدو أهملت.