لم تكن حرباً بيولوجية.. ونحن مستعدون دائماً

عبد الرحمن فهمي الثلاثاء 05-05-2015 21:56

ظننت أن «الحرب البيولوجية» بدأت.. لقد كان خبراً خطيراً فى كل الصحف.. سقط أكثر من 650 ضحية فى قرية ما مصابين جميعاً بالتسمم.. تذكرت فجأة ما حدث لنا منذ أكثر من سبعين عاماً.. إنها الحرب القذرة بعد أن فشلت كل أنواع الإرهاب.

قل لنا أولاً:

- ما هى الحرب البيولوجية؟.. النبى عربى- عليه السلام..

- الحرب البيولوجية هى حرب الميكروبات.

- يعنى إيه حرب الميكروبات؟؟

- الرصاصة تصيب شخصاً واحداً.. حتى القنبلة أو المفرقعات أثرها محدود لا تزيد الضحايا على عدد بسيط.. ولكن حرب الميكروبات تغتال مئات فى البداية ثم المرض سريع الانتشار عادة فتسقط ضحايا بالآلاف ثم الملايين.. وهى حرب قذرة ممنوعة دولياً.. وسبق لمصر المحروسة أن واجهت هذه الحرب القذرة وانتصرت عليها بعون الله وتوفيقه.

فى البداية.. أكتب الآن ولم يتم بعد حسم سبب كارثة المياه القذرة نهائياً.. ولكن عدم الانتشار السريع الذى هو من سمة هذه الحرب القذرة كان سبب استبعادى أن ما حدث فى الشرقية عمل إرهابى.

المهم.. ما هى قصة الحرب البيولوجية فى مصر؟..

فى يوم خمسة أغسطس عام 1947 ذهب محمود فهمى النقراشى باشا، رئيس الوزراء، إلى مجلس الأمن يطالب الإنجليز بالجلاء عن مصر وإلا ستضطر القوات إلى الجلاء رغم أنفها بعد مقاومة شعبية شرسة.

عاد النقراشى باشا فى اليوم التالى إلى مصر 6 أغسطس 1947 متحمساً لكى يعلن الجهاد المقدس ضد هؤلاء القراصنة فى منطقة القنال.. فإذا بالمفاجأة الكبرى.. قرية اسمها «القرين» بجوار القناطر الخيرية أهلها كلهم يسقطون موتى - ولا أقول مرضى - ما الحكاية؟!.. المياه ملوثة.. التحاليل بسرعة تقول إنها ملوثة بميكروب اسمه «الكوليرا».. والكوليرا مرض خطير يقتل المصاب.. والطب فقط يستطيع أن يعطيك حقنة «وقائية».. الحقن طبعاً لا تكفى بالملايين.. ولكن بقدر الإمكان تم حقن ما حول القرية.. ولكن المرض معدٍ وانتشر.. وتم استيراد الحقن بسرعة.. وهناك أيضاً بجوار الحقن تعليمات صحية للوقاية من المرض أهمها النظافة.. ثم النظافة.. ثم النظافة.. لأن ميكروب هذا المرض ممكن سقوطه بالماء والصابون والمنظفات.. وانتصرنا على المرض ومن تسبب فى هذا المرض الذى شغل الحكومة والناس عما كان قد استعد له الشعب وهو مقاومة الاحتلال.

تأجلت المقاومة الشعبية الكاسحة من عام 1947 إلى عام 1951.. وفى أغسطس أيضاً.. حينما أعلن مصطفى النحاس فى مجلس النواب إلغاء معاهدة 1936 وبدء المقاومة الشعبية الكاسحة.. ولم ييأس الإنجليز وحرقوا القاهرة فى 26 يناير 1952 لتتم إقالة مصطفى النحاس وتخمد ثورة شعب.

لقد أخذنا دروساً تاريخية بما فيه الكفاية.. لذلك لن تخمد ثورتنا الحالية مهما فعل العدو الغادر.. لا يوجد الآن ملك ولا مندوب سامى بريطانى ولا أى سلطة فوق سلطة الشعب ورأى الشعب ونضال الشعب الذى عرف طريقه وسيمضى فيه مهما كانت التضحيات.. فلا مكسب بلا ضريبة.

اسمحوا لى بقصة جانبية أخرى:

العدو الغادر فى الأربعينيات.. وكانت إنجلترا قررت قتل النقراشى باشا رداً على حكاية «القراصنة» فقتلته فى أسانسير وزارة الداخلية يوم 26 إبريل 1948 بيد شاب من الإخوان المسلمين.. وجدوا فى جيب رئيس الوزراء مبلغ جنيه واحد و25 قرشاً!! وجدوا فى شنطة على شفيق، سكرتير عبدالحكيم عامر، حينما قتلوه فى لندن مبلغ مليون جنيه إسترلينى!! مقارنة سريعة!!