رداً على مقال صلاح دياب: «لمصر قبل أن يكون للوفد»

اخبار الثلاثاء 05-05-2015 21:55

مجدى سرحان

هذا خطاب مفتوح إلى جريدة «المصرى اليوم».. رداً على ما نُشر فى مقال المهندس صلاح دياب، بالصفحة الأخيرة من العدد الصادر بتاريخ الإثنين 4 مايو.. تحت عنوان «لمصر قبل أن يكون للوفد».. متضمناً ما نراه معلومات مغلوطة وأفكاراً «غير حسنة النية».. لا تمثل فقط تعريضاً وإضراراً بحزب الوفد وجريدته.. لكنها تتجاوز ذلك إلى ما يمكن وصفه بأنه «عمل تخريبى متعمد» فى إطار حملة يتعرض لها الوفد مؤخراً.. ويراد بها الانقضاض على تلك المؤسسة السياسية والصحفية العريقة التى تتجلى عبقريتها دائماً وأبداً فى أنها تركيبة مصرية خالصة.. صاغها المصريون بكل طوائفهم وطبقاتهم منذ أوائل القرن الماضى.. ولم تكن نتاج أفكار نخبة معزولة تسعى لتأسيس حزب سياسى.. قدر ما كانت «صيغة شعبية جماعية» شقت طريقها كما شق النيل مجراه.. وتجلت إنجازاتها فى ثورة 1919 التى كانت الشرارة الأولى لبناء مصر الحديثة.. ومصدر إلهام دائم لكل ثورات الشعب المصرى من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

بداية أود إيضاح ما يلى:

أولاً: إن السيد صلاح دياب.. وهو ليس بغريب على البيت الوفدى.. كان عضواً بالهيئة العليا للوفد.. ثم انقطعت علاقته به منذ سنوات طويلة.. ولم يعُد ملماً بالمعلومات الحقيقية عن الأوضاع السياسية والمالية للحزب وجريدته.

ثانياً: أن السيد صلاح دياب بادر بالاتصال بالزميل وجدى زين الدين رئيس التحرير التنفيذى.. بمناسبة ما جرى من أحداث فى الحزب مؤخرا.. وعرض أن يكتب مقالاً فى جريدتى «الوفد» و«المصرى اليوم» فى وقت واحد بعنوان «الوفد سفينة نوح» يدعو فيه إلى لمّ شمل كل القوى السياسية المدنية تحت لواء حزب الوفد.. ورحبنا بذلك.. وتم الاتفاق على موعد النشر.. وبالفعل أرسل لنا مقاله قبل نشره فى «المصرى اليوم».. لكننا فوجئنا بمخالفة مضمونه لما تم الاتفاق عليه.. فتحدثنا معه تليفونياً.. وأوضحت له أن المقال يتضمن مغالطات ومعلومات غير حقيقية.. وأفكاراً غير موضوعية.. وطلبت منه عدم نشر المقال.. لا فى «الوفد» ولا فى «المصرى اليوم».. مؤكداً له أننا نثق فى وطنيته ووفديته.. ونناشده أن يكون عوناً لنا.. لا معول هدم.. خاصة أنه يعلم بحكم خبرته الصحفية والإعلامية ما تتعرض له جميع المؤسسات الصحفية فى مصر- بلا استثناء- من أزمات مالية فرضتها الأوضاع الاقتصادية والسوقية منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن.

ثالثاً: أبلغت المهندس صلاح بأننى لا أملك حق الحجر على رأيه.. لكننى أرى فى نشر هذا الرأى إضراراً جسيماً وإساءة بالغة لجريدة الوفد.. فلا يعقل أبداً أن ننشر مقالاً يتضمن أن «توزيع الجريدة انهار وتعثرت اقتصادياتها»، وأن فؤاد سراج الدين «ترك للوفد ثروة تقارب 100 مليون جنيه» وأن هذه الثروة «تبددت الآن إلا قليلاً» على حد زعم كاتب المقال.. فهذه معلومات كلها خاطئة تماماً ولم يحدث أن ترك سراج الدين هذا المبلغ.. ولم يحدث أن هناك أموالاً تم تبديدها.. بل إن كل ما تم صرفه خضع لمراقبة الجهاز المركزى للمحاسبات، وأقر عن طريق مؤسسات الحزب ولا يتجاوز ربع هذا المبلغ.. كما أن نشر تلك المعلومات- حتى لو كانت صحيحة- هو بمثابة «إعلان إفلاس» لمؤسسة ترتبط بها مصائر أكثر من 600 أسرة يعولها العاملون فى الوفد، من صحفيين ومراسلين وموظفين وإداريين وفنيين وعمال خدمات معاونة وخلافه، خاصة أن هذا الكلام المغلوط حول الأوضاع المالية للمؤسسة يغفل ما يبذل من جهود كبيرة ومتنامية وما يتحقق من إنجازات وإيجابيات لتحسين الأوضاع المالية وتجاوز الأزمات.. وإلا لما كانت الصحيفة تصدر بانتظام حتى اليوم.. ويحصل جميع العاملين فيها على حقوقهم كاملة.. دون انتقاص أو تأخير.

رابعاً: أبلغت أيضا المهندس صلاح دياب بأنه من غير المعقول أو المقبول.. أن ننشر مقالاً يتضمن القول بأن رئاسة الدكتور السيد البدوى للوفد هى رئاسة شرعية لحزب «انتهى عملياً ومات إكلينيكياً».. على حد وصفه.. فهذا افتراء كبير وحكم ظالم بالإعدام على حزب، لا ينكر إلا جاحد أو حاقد دوره العظيم فى قيادة المشهد السياسى المصرى، منذ عودته إلى النور فى عام 1984 وحتى الآن، مروراً بموقفه التاريخى فى قيادة المعارضة ضد نظام حكم «مبارك» الديكتاتورى البائد.. وكذلك دوره البارز فى صدارة المشهد الثورى إبان ثورتى 25 يناير و30 يونيه المجيدتين.. ومقاومته لحكم الإخوان المسلمين منذ بداية ولايتهم حتى الإطاحة بهم.. ومساندته الوطنية للدولة الحالية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى.

خامساً: أسجل أمامكم وأمام جميع الوطنيين الشرفاء فى مصر.. وأمام التاريخ.. ما دار من حوار بينى وبين المهندس صلاح دياب رداً على ما أبديته من تحفظات على ما ورد فى مقاله.. والذى يكشف حقيقة ما أشرت إليه فى بداية هذا الرد من اعتقادى بأن المقال يمثل حلقة من حلقات مسلسل «تخريب متعمد» يتعرض له الحزب بهدف النيل من قيادته وتاريخه.. وتسليمه إلى من يريد الانقضاض عليه لتحقيق غرض فشل فى أن يناله بوسائل أخرى.. فظن أنه يستطيع بأمواله ونفوذه أن يحتل الوفد.. ويجعله مطية لأهوائه ومغامراته ونزواته السياسية المراهقة.

فقد سألت المهندس دياب: كيف يستقيم القول بأن مصلحة مصر تقتضى أن يسلم «البدوى» مفاتيح الحزب إلى «لجنة من الشخصيات العامة العازفة عن أى منصب سياسى أو حزبى» لإدارته؟ أى حزب فى العالم يمكن أن يقبل ذلك؟ وبأى حق وبأى قانون وبأى شرعية يستطيع رئيس الوفد أن يفعل ذلك؟

فقال لى المهندس صلاح: يا أخى هناك رجال أعمال مستعدون أن يدخلوا الوفد ويساندوه بأموالهم ليعبر أزماته.. مثل المهندس نجيب ساويرس وغيره.. لكنهم لا يقبلون أن يعملوا تحت رئاسة السيد البدوى!!

وهنا.. انكشفت أمامى كل الخيوط.. وزالت الغيوم.. وأصبحت الحقيقة واضحة جلية.. لا لبس فيها.. انفضح المستور.. وظهر الغرض الخبيث.. فقلت له مستنكراً: ومن الذى أدراك بأننا كوفديين نقبل ذلك؟ أو أن وجود المهندس ساويرس فى الحزب بهذا الشكل سيكون مقبولاً؟ والله لو حدث ذلك لقامت ثورة داخل الوفد.

فرد المهندس دياب مستفسراً: وما الذى يمنع ذلك؟ ألم تكن هناك زعامات سياسية تاريخية لحزب الوفد من بين الأقباط مثل مكرم عبيد وسينوت حنا وغيرهما؟ فقلت له: لا أتحدث عن «ساويرس» كونه قبطياً.. بل أتحدث عنه كنجيب ساويرس.. وعن الوفد كوفد.. فالوفد ليس حزباً للبيع أو للإيجار لساويرس أو لغيره من رجال الأعمال.

واختتمت حديثى مع المهندس صلاح دياب قائلاً: «إننى أستحلفك بوطنيتك ووفديتك ألا تنشر هذا المقال.. فإذا كنت ترانا نموت فدعنا نمُت ميتة طبيعية ولا تشارك فى ذبحنا.. وأدعوك أن تأتى إلى بيتك.. بيت الأمة.. لنناقش ما لديك من أفكار ولنستفِد بفكرك وخبرتك ونصائحك».. فرد قائلا: «خلاص.. سيبنى أفكر وأرد عليك إذا كنت سوف أقوم بتعديل المقال أو لا أنشره».

لكن المهندس دياب لم يعاود الرد.. وفوجئنا بنشره المقال فى «المصرى اليوم».

لكل ما سبق أعود وأؤكد لكم.. أننا نستنكر نشركم لهذا المقال الذى يضر بمصالح زملائكم فى المهنة.. ونربأ بكم أن تكونوا- عن غير قصد- أداة تخريب للوفد فى يد حفنة من سماسرة الليبرالية المتوحشة البغيضة.. مصاصى دماء المصريين.. الذين يبيعون الهواء للشعب ويكدسون الثروات الطائلة فى خزائن أموالهم.. تحت غطاء سياسى وإعلامى يوفر لهم حصانة زائفة لأعمالهم غير المشروعة.. والذين نسوا.. بل تناسوا.. أن هناك فرقاً- لو يعلمون- عظيماً بين ليبراليتهم الزائفة.. وبين الليبرالية الوطنية التى تمثل العمق التاريخى للوفد، والتى تستمد قوتها فى الأساس من ارتباطها الوثيق بالشعب، والتعبير الحقيقى عن آلامه وآماله، وعدم التهاون فى قضاياه الأساسية لصالح توازنات سياسية.. أو لحساب أباطرة الاتجار بدماء البشر..

■ فمن هنا.. يا زميلى العزيز- سيظل الوفد عصياً على التخريب والنهب والاحتلال.. فهو ليس مجرد حزب تنطبق عليه الأدبيات الحزبية الجامدة.. وإنما هو «بيت أمة» يكتسب مصداقيته من تمثيل المصريين.. لا التمثيل عليهم وخداعهم.

رئيس تحرير صحيفة «الوفد»