المفارقة العجيبة
فى هذه الفترة المرتبكة التى يمر بها الوطن لابد أن تتضافر جهود المستترين من أمثال سيادتك لمناقشة القضايا التى بدونها لن نرى أى تقدم، والمشكلة التى أريد أن أناقشها مع سيادتك هذه الكراهية التى يواجهها أقباط قرى المنيا الفقيرة فى بناء كنيسة أو حتى تجديدها، والغريب أن الدولة التى دفع الأقباط ثمنا غاليا من أجل مدنيتها تقف عاجزة أمام المتطرفين الذين ما إن يبدأ الأقباط فى استخدام حقهم الدستورى فى حرية العبادة حتى يبدأوا بحرق منازل الأقباط ومحلاتهم، ولم تنجُ الكنيسة التى سمحت الدولة ببنائها لذكرى الشهداء الذين ذُبحوا فى ليبيا، ولكن لم تدافع الدولة عن قرارها، والعجيب أن يلجأ محافظ المنيا ومدير أمنها إلى الجلسات العرفية التى يفرضون من خلالها شروطا مذلة لا يجد الأقباط من طريقة إلا القبول بها، وكأن لا ثورة قامت ولا دستور عُمل، وفى المقارنة بما يحدث للأقباط فى وطنهم وما حدث لنا نحن الأقباط أثناء دراستى الدكتوراه فى ألمانيا وخلال خمس سنوات تم إنشاء كثير من الكنائس القبطية خاصة فى المدن الكبيرة مثل فرانكفورت وميونيخ وهامبورغ وبرلين، حتى إننا أنشأنا ديراً قبطياً على مساحة كبيرة ولم يحتج الأمر إلى أى تعقيدات روتينية، بل إن جامعة دارمشتات التى درست فيها خصصت مسجدا للطلبة المسلمين وكان مطعم الجامعة يقوم بتجهيز أكلات خاصة للطلبة المسلمين خالية من لحم الخنزير.
ولذلك تتقدم هذه الدول، أما نحن فمازلنا يحكمنا المتطرفون.
د. مبارك نجيب
■ ■ ■
نيوتن: شىء مؤسف ومخجل- يدل على التخلف فى كل شىء. حتى الفهم للدين الصحيح تخلفنا فيه.
عزيزى نيوتن
كنت أقوم بمراجعة مادة الدراسات الاجتماعية للصف السادس الابتدائى مع حفيدى، وكان أحد الموضوعات عن ثورة 23 يوليو 1952، وجاء فى الكتاب أن أسباب ثورة 23 يوليو هى حرفيا كما جاء بالنص:
أسباب سياسية:
تمثلت فى الاحتلال البريطانى لمصر، وفساد الحكام.
أسباب اقتصادية:
تمثلت فى المشكلات الاقتصادية التى يعانى منها المجتمع المصرى، مثل ارتفاع الأسعار وقلة الدخل.
أسباب اجتماعية:
تمثلت فى سوء توزيع وفقدان العدالة الاجتماعية، من حيث مستويات الدخل والمعيشة وانتشار الفقر والجهل والمرض.
والآن بعد 60 عاما من ثورة 1952 والنظم السياسية التى تبعتها، ظهرت ثورة يناير 2011 وأسبابها الأساسية هى فساد الحكام، وارتفاع الأسعار وقلة الدخل، وفقدان العدالة الاجتماعية، وانتشار الفقر والجهل والمرض.
أى أنه خلال 60 عاما تمكنت ثورة يوليو من إنهاء الاحتلال البريطانى، ولم يكن لها أى تأثير فى أى من الأسباب الأخرى التى أدت إلى قيامها، وإن كانت غالبية هذه الأسباب قد تدهور حالها من عام إلى آخر.
ومن الناحية الاقتصادية أذكّر القارئ بأنه فى عام 1952 كان الجنيه المصرى يساوى حوالى 5 دولارات أمريكية، وكانت بريطانيا العظمى مديونة لمصر بالملايين، والآن انخفض الجنيه المصرى 35 مرة، وأصبحت مصر مديونة بالمليارات لطوب الأرض.
تُرى هل ستكون نفس هذه الأسباب مازالت موجودة عند قيام ثورة 2072 بعد 60 عاما من اليوم!!
عمرو كامل مرتجى
نائب رئيس جامعة النيل