الأرمن من الخليفة عبد الحميد الثانى.. إلى الخليفة رجب

رفعت السعيد الجمعة 01-05-2015 21:25

تصاعدت ولم تزل تتصاعد قضية المحرقة الأرمنية، ولم تجد من الخليفة رجب (وهذا ما تطلقه المعارضة التركية على رجب أردوغان) سوى مزيد من الإصرار على التمادى فى الفساد (الذى كان نموذجا عثمانيا طوال عهد الخلافة) والمزيد من الاستبداد وهو إرث عثمانى ومزيد من التأسلم.. وهكذا يصمم الخليفة رجب على أن يعيد تشكيل خلافة عثمانية جديدة لكنها تمتلك ذات الخصائص ثلاثية الأبعاد.. الفساد- الاستبداد- التأسلم- وقد تصاعدت حدة «المحرقة الأرمنية» فى عام 1915 التى راح ضحيتها ما يقرب من مليون أرمنى. ويرى عديد من المؤرخين أن خروج دولة الخلافة العثمانية مهزومة فى الحرب العالمية الأولى أشعل الخوف من تفتت الإمبراطورية العثمانية، فبدأت عملية تطهير عرقى ودينى ضد الأرمن لضمان السيطرة على منطقة الأناضول بتجريف الوجود الأرمنى قتلا وتهجيرا، بل يرى البعض أن دولة تركيا الحديثة قامت على جثث الأرمن وأموالهم التى قدمت للجنرالات الأتراك المهزومين لتحويلهم إلى أدوات برجوازية فى خضم عملية البناء الحديثة. وكانت مصر منذ البداية حاضنة للمتبقين من المحرقة، وكان الأزهر حاضرا منذ البداية، ففى عام 1909 أصدر شيخ الأزهر سليم البشرى فتوى بتحريم قتل الأرمن لأسباب عرقية أو دينية قائلا «إنها تلحق العار بالإسلام والمسلمين، وأكد أن التعاليم الإسلامية تعارض مثل هذا البغى على أهل الذمة». والمثير للدهشة أن الخليفة رجب عندما تلبسته نزعة الخلافة العثمانية أتته بذات الأخلاقيات العثمانية القديمة وذات العنجهية العثمانية التى تحداها المصريون دوما بمئات من النكات، والفساد أصبح شريعة فى ظله فهو وابنه وابنته فاسدون حتى النخاع ومتهمون فى قضايا رشاوى تصل إلى مئات الملايين من الدولارات ووزراؤه وكبار موظفيه متهمون تهما ثابتة ولم تحمهم منها حملات تجريف ضباط الشرطة (350 ضابطا بينهم مسؤولون عن الجرائم المالية) ومائة قاض فى إسطنبول وحدها بينهم مدعيان مكلفان بالتحقيق فى فضيحة فساد رجب وابنه وابنته. ومع تصاعد عملية فضح فساد «الخليفة رجب» شملت عملية الإقصاء أكثر من 50 ألف موظف حكومى وقاض.

ويتلازم إخفاء الفساد مع الاستبداد، فإزاحة هؤلاء جميعا تتم بالمخالفة للقانون وتم فرض رقابة على الإنترنت الذى كان وسيلة لفضح جرائم العثمانى الجديد الذى وصلت عنجهيته إلى حد هجومه العلنى على نقيب المحامين متين فايز وتركه الاجتماع الذى كان يتحدث فيه لأن النقيب «وقح» إلى درجة أنه تحدث أطول مما تحدث الخليفة. ومن الفساد المستبد إلى التأسلم. فالخليفة رجب لا يستجيب ولو بأقل قدر لإدانات الاتحاد الأوروبى، لأنه الآن لم يعد بحاجة إليه فليس لخليفة المسلمين أن يكون ضمن اتحاد من النصارى. وهو يتمادى فى تأسلمه إلى درجة الجنون فقد ألقى خطابا قال فيه إن المسلمين هم الذين اكتشفوا أمريكا قبل كريستوفر كولمبوس واتهم كل من يستخدمون أدوات منع الحمل بأنهم خونة، لأن الإسلام يحرم تحديد النسل وأن العثمانيين يحتاجون إلى التكاثر «لأن زيادة السكان تخلق اقتصادا ديناميكيا» ويدين دعاة حقوق المساواة للمرأة فهم أعداء الإسلام، مؤكدا أن «الإسلام حدد دور النساء فى المجتمع وهو الأمومة» أما المدافعات عن الديمقراطية والمساواة للمرأة فهن ضد الأمومة. وإذ تكتمل الثلاثية العثمانية فإن أى حديث عن اعتراف الخليفة رجب بمحرقة الأرمن أمر بعيد تماما عن أخلاقيات الخلفاء العثمانيين القدامى.. ألم يقل كمال باشا أشهر من نظموا محرقة الأرمن أن قتل الأرمن كان أمرا واجبا، وأنه لا يمكن الاعتذار. ولا يبقى إلا أن نناشد فضيلة شيخ الأزهر أن يشارك فى إدانة المحرقة. وأن نتساءل ولماذا تتجاهل الدولة المصرية الأمر؟