قال هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، إن سرعة ونطاق القرارات التي اتخذها الملك سلمان بن عبدالعزيز، منذ أن خلف أخيه الملك الراحل عبدالله في يناير الماضي، مفاجئة وفقا للمقاييس السعودية، كما أنها غير مسبوقة داخل المملكة.
وأوضح غيرالد بوت، محلل متخصص في شؤون الشرق الأوسط، في تقرير نشره موقع «بي بي سي»، الأربعاء، تحت عنوان: «الملك سلمان يكسر تقاليد السعودية»، إنه «فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فقد تخلت المملكة عن نهجها الحذر في التعامل مع الأزمات الإقليمية وتفضيلها للدبلوماسية الهادئة، بقرار شن غارات جوية في اليمن، وأخذت السعودية فجأة دور القيادة، فيما يعرف على نطاق واسع في المنطقة على أنه حملة عسكرية مدعومة من الدول العربية السنية لكبح التمدد الشيعي الإيراني».
وأضاف «بوت» أن «التغيرات داخل المملكة لم تكن أقل إثارة، ففي يناير الماضي، عُين وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بشكل مفاجئ وليا لولي العهد، ليأتي في ترتيب وراثة الحكم بعد ولي العهد حينها الأمير مقرن بن عبدالعزيز».
وتابع: «ويعد الأمير محمد بن نايف الأول من بين أحفاد الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة، الذي يضع قدمه على سلم تولى عرش البلاد، كما اختار الملك سلمان ابنه الأصغر محمد ليتولى حقيبة الدفاع».
واعتبر المقال أن «هذه التعيينات كانت مهمة للغاية، لكن ما تلاها من تغييرات أكثر إثارة للدهشة، وحل محمد بن نايف محل الأمير مقرن في منصب ولي العهد، وأصبح محمد بن سلمان وليا لولي العهد، وبين عشية وضحاها، أصبحت المملكة التي اعتادت أن يحكمها ملوك في السبعينات أو الثمانينات من العمر تواجه مستقبلا قد يحكمها فيه ملك في الخمسينات من عمره، ويليه في سلم الحكم ولي للعهد في الثلاثينات من العمر».
وأوضح «بوت» أنه «في الحقيقة كان هناك تخمين بأن الملك الراحل عبدالله اختار الأمير مقرن لخلافة سلمان، لكي يشرف مقرن بنفسه على هذا الانتقال الحساس للسلطة بين الأجيال، لكن الملك الجديد، وبجرة قلم، تخلى عن الحاجة لهذا الدور واستغنى عن الأمير مقرن».
وأشار إلى أن «أحد أكبر التغيرات في الساحة السياسية السعودية هو استبدال وزير الخارجية، سعود الفيصل، بعد أربعة عقود في منصبه، ورحيل الفيصل بسبب ظروفه الصحية ليس أمرا مفاجئا. لكن لم يكن متوقعا تعيين بديل من خارج العائلة المالكة لأول مرة في تاريخ المملكة».
وكشف أن «الوزير الجديد هو عادل الجبير، سفير المملكة إلى الولايات المتحدة. ويرجح أن اختياره كان عن قصد، لدرايته بسياسات القوة العظمى الوحيدة في العالم».
ولفت الكاتب، في مقاله، إلى أن «المملكة العربية السعودية ودول الخليج يهتمون باحتمال فرض الولايات المتحدة لاتفاق بين المجتمع الدولي وإيران فيما يخص الملف النووي، مما قد يؤدي إلى نفوذ إيراني أكبر في المنطقة».
وأردف: «كما أظهر التدخل في الأزمة اليمنية، فإن الشأن الإيراني يأتي على رأس اهتمامات القادة السعوديين في الوقت الحالي، ومن بين قرارات الملك سلمان مؤخرا، صرف مكافأة راتب شهر للعاملين بمؤسسات الجيش والشرطة. وفي نفس الوقت، فإن ترقية الشخصين البارزين في حملة اليمن، وزيري الداخلية والدفاع، يعد إشارة لكل من يشكك في جدوى قرار العملية العسكرية، ويؤكد التزام القيادة السياسية بالخطة التي اختارتها».
وتابع: «قد يثور لغط حول معارضة سرية داخل العائلة المالكة. لكنها في الغالب ستكون من أمراء كبار في السن ممن استبعدوا في التعيينات الأخيرة، أو ممن يرون أن التعيينات الأخيرة جاءت على عجلة ودون إعطاء فرصة للتوصل لإجماع داخل العائلة، ويبدو أن الملك كان يفكر في هذا الاحتمال، فذكر في قرار تعيين أصغر أبنائه نائبا لولي العهد، أن القرار يحظى بدعم أغلبية أعضاء هيئة البيعة المعنية بضمان انتقال الحكم في السعودية».
اختتم «بوت» مقاله قائلًا: «ربما يكون الملك ومستشاروه الشباب قد توصلوا إلى أن الطرق التقليدية لم تعد صالحة لمواجهة التحديات التي تواجهها المملكة في الداخل والخارج، وتعين على السعوديين التأقلم مع فكرة أن كل شيء ممكن في هذه الأيام».