وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة يوم الأربعاء 15 إبريل 2015 على هدم مبنى الحزب الوطنى «المنحل» على أساس أنه كان رمز الفساد فى الدولة!!..هذا السبب وهمى ولا أساس له من الصحة، لأنه لو كان هذا صحيحاً لكان بالأولى أن تقوم الحكومات المصرية المتعاقبة بعد ثورة 1952 بهدم جميع القصور الملكية المنتشرة بالقاهرة والإسكندرية، بل بالعكس تم الاحتفاظ بها وتجميلها واستخدامها فى أغراض وطنية.
بالإضافة إلى أن العصر الملكى جزء من تاريخ مصر فكان علينا أن نحتفظ بتلك القصور كشاهد على تلك الفترة، بالإضافة إلى حُسن استخدامها لمنفعة الوطن. بالمثل بالنسبة لمبنى الحزب الوطنى الكائن بكورنيش النيل.. نعم كان أحد رموز الفساد، فلماذا لا نحافظ على هذا الرمز ونُحسن استغلاله؟ ليدرك الجيل الجديد فترة الفساد التى عانى منها المصريون. لكن الشىء المُضحك والمُبكى أنه فى الوقت الذى قررت فيه الحكومة إزالة مبنى كان رمزاً للفساد، قام القضاء المصرى بتبرئة الفاسدين أنفسهم!! أليس هذا معناه أنه لم يكن هناك فساد؟!..
لقد شاهدت فى «كييف» العاصمة الأوكرانية، كل مبانى الحزب الشيوعى الضخمة قائمة بشموخ لم يقترب منها أحد بالهدم، على الرغم أن الشعب الروسى وقت الاتحاد السوفيتى عانى أشد المعاناة من الشيوعيين الذين أفسدوا الحياة اليومية. بل إن تلك المبانى صارت مزارات سياحية تحكى فترة مظلمة من تاريخ الشعب الروسى العظيم!! فلماذا لا يتم الاحتفاظ بهذا المبنى وتجميله من الخارج ومن الداخل أيضاً، بالإضافة إلى أنه مجاور للمتحف المصرى بالقاهرة، فيتم تخصيص قاعاته المختلفة لتحكى تاريخ مصر على مر العصور، ومن بين هذا التاريخ فترة الفساد السياسى وكيف عاش المصريون تلك الفترة فى معاناة شديدة وظلم بيّن. التاريخ هو عظة المستقبل، ومن أدرك تاريخه جيداً، سوف يُحسن مستقبله ويتجنب صعقات الفترات الماضية..
أرجو مراجعة هذا القرار، أما الذين يصفقون ويهللون لهذا القرار فإن لهؤلاء مصالح شخصية وليست مصلحة وطنية. كتبت هذا من منطلق وطنيتى المصرية التى أعتز بها، ومن منطلق أعتزازى بالتاريخ. ومن تمسك بتاريخه لا يموت!.
د. مينا بديع عبدالملك – أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية