للموسم الثاني على التوالي.. لا يخسر تشيلسي، جوزيه مورينيو، ضد باقي فرق الـ«توب فايف» في إنجلترا، وبالرغم من كل الانتقادات التي توجه إلى (شكل) الكرة التي يلعبها تشيلسي، فإن ما يجعل الرجل الاستثنائي استثنائياً بالفعل هو ذلك السجل الرائع جداً في 15 مباراة منذ عودته لإنجلترا.
أرسنال دخل هذا اللقاء راغباً في الفوز، بينما تشيلسي أراد بالتحديد عدم الخسارة، وربما «خطف» النقاط الثلاث، وتحقق له فعلاً ما أراد، ليحقق «مورينيو» رقماً استثنائياً آخر في عدم الخسارة مطلقاً أمام أرسنال ضمن 13 مباراة جمعته مع فريق أرسين فينجر، ويصبح- كذلك- على بعد 6 نقاط فقط من الفوز بلقب الدوري الغائب منذ 2010.
الشوط الأول:
- بدأ «مورينيو» اللقاء بتشكيل 4-6-0، دون اللعب بمهاجم صريح، وبستة لاعبين في نصف الملعب، يتبادل كل منهم التواجد في المنطقة الأمامية، أحياناً هازار وأحياناً راميريز وغالباً دا سيلفا.
في المُقابل دخل أرسين فينجر اللقاء بتشكيلته المعتادة في الفترات الأخيرة 4-2-3-1، بوجود فرانسيس كوكلين في المنتصف مع حفنة من اللاعبين ذوي الميول الهجومية، في نية واضحة ومتوقعة من «فينجر» في اللعب على نقاط المباراة الثلاث.
- أرسنال بدأ اللقاء مهاجماً، ولكن دون اندفاع، «كوكلين» هو أهم لاعب في تشكيلة أرسنال الحالية دون منازع، واللاعب الوحيد الذي لا يوجد بديل له مُقارب لمستواه، للمرة الأولى منذ سنوات طويلة يكون هناك لاعب يخلق التوازن في فريق بهذا القدر من الميل الهجومي، ومقارنة أداءات أرسنال في نصف الموسم الأول، وكم النقاط والمباريات التي ضاعت بسبب كرات سهلة في عمق الملعب، ثم اختلاف ذلك في النصف الثاني تماماً يبين قيمة «كوكلين».
هجومياً، لعب مسعود أوزيل مباراة كبيرة جداً في هذا الشوط، أكثر اللاعبين تمريراً، والأكثر تصويباً على المرمى، والأكثر صناعة للفرص، نشيط ويتحرك في كل مكان في الملعب، ولكن ما جعله يفشل في تحويل ذلك إلى أهداف أو فرص خطيرة هو تكتل دفاع تشيلسي الصلب وقدرته على عزل أوليفيه جيرو تماماً عن بقية الفريق، والثاني- وهو ما خذل الفريق كاملاً- هو سوء مستوى أليكسيس سانشيز.
«سانشيز» قدم مباراة سيئة جداً، مع كم غير قليل من الأنانية والميل للحلول الفردية على الرغم من وضوح عدم جودة أدائه منذ بداية اللقاء، وهو ما فرق كثيراً مع الفريق.
- «مورينيو» في المقابل عمل- كالعادة- على الثبات الدفاعي، واستغلال السرعات في فريقه لصنع هجمات مرتدة بتمريرات طولية، ما أسفر عن كرة خطيرة جداً لأوسكار.
بغض النظر عن احتمالية التسلسل في الكرة فهي توضح نوايا سير الشوط: وجود «كوكلين» كارتكاز يقلل- أو يمنع- الهجمات المنظمة من العمق، يعتمد تشيلسي على قدرة فابريجاس على التمرير، وعلى سرعة لاعب الوسط الذي «يسرق» خط الدفاع ذى العناصر البطيئة باستثناء بيلرين.
- «ميرتساكر» كان ممتازاً في اللقاء، لعب ربما أفضل لقاء له مع أرسنال هذا الموسم، ولكن «كوسيلني» كان كارثياً، ومن العجيب أن يسيطر أرسنال بهذا الشكل على الشوط الأول، ويصوب 8 كرات على مرمى «كورتوا»، ولكن أخطر كرتين تكونان بانفرادين لتشيلسي بسبب «كوسيلني»، الأولى كرة أوسكار بالأعلى حين «سحب» قدمه دون سبب، والثانية انفراد راميريز حين قام برد فعل بطىء للغاية على تمريرة ويليان السهلة.
مجملاً، من الصعب اعتبار تشيلسي قام بـ«ركن الأتوبيس» في تلك المباراة، حتى مع لعبه دون مهاجم صريح، هو لعب بتحفظ دفاعي أمام واحد من أقوى خطوط الهجوم في الدوري وأفضل الفرق أداءً خلال الدور الثاني للمسابقة، مع محاولة المبادرة واستغلال سرعات لاعبيه في مباغتة خصمه.
(الشوط الثاني):
- في الشوط الثاني أصبحت المباراة أكثر اتزاناً في السيطرة بين الفريقين، مع تبادل للكرة والفرص.
هناك 3 فوارق مهمة سببت انخفاض مستوى أرسنال وفقده للسيطرة: الأول هو حصول «كوكلين» على إنذار في شوط المباراة الأول، ما جعله أكثر تحفظاً في الالتحام بوسط الملعب خوفاً من الإنذار الثاني، وبالتالي أثر ذلك على استعادة أرسنال للكرة في تلك المنطقة.
الثاني: هو الهبوط البدني في أداء مسعود أوزيل، «أوزيل» في الشوط الأول تحرك فعلاً في كل منطقة بالملعب، بنسبة تمريرات صحيحة رائعة في مباراة صعبة كهذه (71 تمريرة صحيحة من أصل 76)، في الشوط الثاني قل هذا المردود بسبب إرهاق «أوزيل» والرقابة المفروضة عليه، مما أثر على أرسنال ككل، خصوصاً مع أداء سيئ لسانشيز وأقل من العادي لسانتي كازورلا.
أما السبب الثالث فهو نزول ديدييه دروجبا بدلاً من أوسكا دا سيلفا، ورغم المردود البدني الضعيف للفيل الإيفواري، إلا أن نزوله جعل دفاعات أرسنال تتراجع تلقائياً، في مقابل نسبة أعلى في هجوم تشيلسي.
- ركز فينجر على الهجوم من الناحية اليمنى لتشيلسي أكثر من الشوط الأول، واستغلال سانشيز ورقابة إيفانوفيتش له، مع زيادة عددية لمونريال من الناحية اليسرى.
أمر كان من الممكن أن يسفر عن كرات خطيرة لولا ضعف تعامل الظهير الإسباني- في تلك المباراة تحديداً- مع تلك الفرص، باستثناء فرصة واحدة في نهاية المباراة.
- لم يخلق تشيلسي أي فرصة خطيرة في هذا الشوط على عكس الشوط الأول، تألق بيلرين وكوكلين في رقابة هازار حين تكون الكرة بحوزته منع 60% من خطورة تشيلسي تقريباً، راميريز وفابريجاس اختفيا تماماً في الشوط الثاني، ودروجبا ظهر ثقيلاً جداً نظراً لكبر سنه.
- رغبة «فينجر» الملحة في الفوز ظهرت في تغييره الأول بالدقيقة 74 حين قام بسحب «كوكلين» وإنزال داني ويلباك، مع إعادة آرون رامزي للوسط جانب كازولا واللعب بويلباك على اليمين وسانشيز على اليسار.
مخاطرة كبيرة جداً وغير ضرورية في سحب «كوكلين»، الذي- حتى مع تحفظه للإنذار- هو مهم جداً في وسط الملعب الدفاعي، بخروجه كان الفريق مكشوفاً جداً مع لاعبي وسط ذوي ميول هجومية تماماً، وكون أن هذا الأمر لم يظهر فهذا لأن تشيلسي لم يحاول الهجوم كثيراً في ثلث الساعة الأخير، أكثر من كون هذا القرار حكيما، فهو أسوأ قرارات اللقاء.
- تغييره الثاني أكثر منطقية بخروج «جيرو»، الذي انعزل إجبارياً عن اللقاء، ونزول والكوت، ليدخل ويلباك في العمق ويلعب والكوت على الطرف الأيمن.
التغيير لم يصنع فارقاً كبيراً في الأداء، وخلال البقية الباقية من اللقاء صنع أرسنال فرصة خطيرة واحدة في الدقيقة 91.
عرضية «مونريال» التي أساء «أوزيل» ثم «ويلباك» استقبالها. لينتهي اللقاء 0-0 بعدها.
- فرحة لاعبي تشيلسي في الملعب بعد صافرة الختام تقول كل شيء عن المباراة، الخروج بنقطة أمام أقرب الخصوم وخارج ملعبك هو أكثر ما أراده «مورينيو» في هذا اللقاء، لحسم الدوري أولاً، والحفاظ على سجله خالياً من الهزيمة ثانياً.
الدوري لتشيلسي، ولكن أرسنال في النصف الثاني من الموسم خلق فريقاً هو الأقوى له منذ عام 2009 على الأقل، ومع بعض الإضافات- الدفاعية تحديداً- في الصيف المقبل فإن «أرسين وأرسنال» سيكونان منافسين أكيدين على دوري الموسم المقبل.