قال الدكتور محسن البطران، رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى السابق، الخبير الدولى في الاقتصاد الزراعى، إنه من المتوقع أن يصل إجمالى كميات القمح التي يتم توريدها للحكومة الموسم الجديد ممثلة في صوامع هيئة السلع وشون بنك التنمية والائتمان الزراعى إلى 3.6 مليون طن، بمعنى أن ما يتم توريده للحكومة لا يتعدى 40% من إجمالى المنتج، موضحا أن إجمالى الدعم الذي تقدمه الدولة لشراء المحصول من الفلاحين يصل إلى 3.6 مليار جنيه لهذا العام.
وأضاف البطران أن العوامل الرئيسية للتوسع في القمح هي الإعلان عن أسعار توريد «مجزية» للفلاح، وتحقق له هامش ربح مناسب من زراعة المحصول، موضحا أن سعر التوريد للإردب هذا العام يبلغ 420 جنيهاً (2800 جنيه للطن) في حين يبلغ سعره العالمى 1800 جنيه للطن.
وأشار إلى أهمية العمل على زيادة توريد القمح المنتج محليا لشون البنك وهيئة السلع التموينية، وذلك عن طريق التحفيز السعرى وتعميم التقاوى المحسنة المنتجة من خلال إدارة التقاوى بوزارة الزراعة إلى المزارعين، مشددا على أهمية تنفيذ خطط لتقليل الفاقد من القمح خلال مراحل التخزين والنقل، حيث بلغ الفقد أكثر من 15% من إجمالى كميات القمح التي يتم توريدها للحكومة ليبلغ 600 ألف طن، وذلك عن طريق عمل صوامع تخزين ورصف الشون الترابية.
ولفت البطران إلى أن هناك تساؤل يطرح نفسه الآن إلا وهو في ظل الموارد المتاحة للزراعة المصرية حول إمكانية تحقيق الأمن الغذائى أو الاقتراب من تحقيق هذا الهدف، موضحا أن جميع الحقائق، والبيانات تؤكد أن هناك «شبه استحالة» لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح محلياً، لافتا إلى أن إجمالى الاستهلاك من القمح حوالى 15 مليون طن بنسبة اكتفاء ذاتى 56%.
وأضاف: «يمكن لنا زيادة نسبة الاكتفاء الذاتى، وهذا يتأتى عن طريق تبنى استراتيجيه تعتمد على سياسات خاصة بجانبى الإنتاج والاستهلاك، منها زيادة متوسط إنتاجية الفدان من القمح ليصل إلى 22 إردبا، مما يؤثر إيجابياً على الإنتاج المحلى ليبلغ 10.5 مليون طن عن طريق استنباط أصناف جديدة بمراكز ومحافظات البحوث الزراعية.
وأشار إلى ضرورة تعميم استخدام السلالات عالية الإنتاجية، من خلال جهاز إرشاد قوى، مدللا على ذلك بأن ما تم عن طريق العالم الدكتور عبدالسلام جمعة والملقب بـ «أبوالقمح»، حيث أحدث ثورة في إنتاجية القمح في الثمانينيات، واستطاع بفريق عمله أن يزيد من متوسط الإنتاجية الغذائية من 12 إردبا للفدان إلى 18 إردبا للفدان.
وأوضح البطران أنه يمكن زيادة المساحات المنزرعة بالقمح في خطط الحكومة المستقبلية التي تستهدف استصلاح 4 ملايين فدان بحلول عام 2030، لافتا إلى أن تفعيل سياسة خلط القمح بالذرة بنسبة 20% يمكنها أن تحقق للدولة الاقتراب من الاكتفاء الذاتى، والتى سبق أن تم تطبيقها أثناء تولى الدكتور أحمد الجويلى وزارة التموين في تسعينيات القرن الماضى.
ولفت البطران إلى أن التوسع في مساحات زراعة القمح لزيادة الإنتاج الكلى من القمح يرتبط بتخفيض مساحات زراعة البرسيم الضرورى لتنمية الثروة الحيوانية للفلاح المصرى، موضحا أن ذلك يمكن أن يتم من خلال زيادة كميات اللحوم المستوردة وزيادة الإنتاج المحلى للأسماك، وذلك باستغلال أكثر من 14 مليون فدان مصايد أسماك في مصر، مما يقلل الطلب على اللحوم البلدية، ومن ثم البرسيم كمحصول علفى منافس للقمح مما ينتج عنة زيادة مساحة القمح كمحصول استراتيجى.
وطالب بزيادة سعر رغيف الخبز المدعوم، بحيث ينعكس ذلك على معدل الاستهلاك الفردى، لضبط عمليات الاستهلاك غير الرشيد للخبز المدعم، مشيرا إلى أن تبنى هذه المنظومة من السياسات، يمكن أن يزيد من نسبة الاكتفاء الذاتى، بحيث تكون في الحدود الآمنة مما ينعكس أثره فيما بعد بشكل إيجابى على أمن مصر القومى.
وأوضح أن الحكومة تقوم الحكومة بتمويل منظومة الخبز المدعوم للمستهلك بحوالى 19 مليار جنيه، حيث يبلغ سعر تكلفة رغيف الخبز 35 قرشا، في حين يباع بـ5 قروش للمستهلك، مما أثر على معدلات الاستهلاك الضرورى للقمح، ومن ثم فإن ما تقدمة الدولة من دعم لإنتاج القمح المحلى ودعم رغيف الخبز يصل إلى حوالى 23 مليار جنيه سنويا.
وأضاف البطران أن إجمالى الكميات المطلوبة في صناعة الرغيف المدعوم يبلغ حوالى 8.4 مليون طن بمعدل 700 ألف طن شهرياً، موضحا أن وزارة التموين تقوم باستيراد حوالى 4.8 مليون طن من الخارج، ويتم خلط القمح المحلى بالقمح المستورد في صناعة رغيف الخبز، بينما يبلغ معدل الاستهلاك الفردى من القمح 165 ك/ سنوياً، وتعتبر أعلى معدل استهلاك على مستوى العالم، حيث يبلغ في البلاد الأخرى المماثلة 100- 120 ك/ سنوياً.
ولفت البطران إلى أن إنتاج القمح المصرى يمتلك ميزة نسبية تتمثل في أنه يعد من أجود أنواع الأقماح، حيث يتميز بارتفاع نسبة الجيلاتين به، مشيرا إلى أن إجمالى المساحة المنزرعة بالمحصول يصل إلى حوالى 3.2 مليون فدان (متوسط الخمس سنوات السابقة)، موضحا أن متوسط إنتاجية الفدان يصل إلى 18 إردبا للفدان، يعادل حوالى 3 أطنان، في حين يصل في بعض المناطق إلى 24 إردبا (4 أطنان).
وأشار خبير الاقتصاد الزراعى إلى أن إجمالى المساحة الزراعية في مصر (أرض حديثة وقديمة) يصل إلى حوالى 7.4 مليون فدان (5.8 قديمة، والباقى أرض جديدة)، بينما تبلغ المساحة المحصولية في مصر حوالى 15.7 مليون فدان خلال عروات الزراعة السنوية، موضحا أن إجمالى الكميات المنتجة محليا من القمح يبلغ حوالى 8.6 مليون طن، في حين يبلغ ما يتم توريده من القمح المحلى للشون والصوامع 3.6 مليون طن، بمعنى أن ما يتم توريده للحكومة لا يتعدى 40% من إجمالى المنتج.