فاز ريـال مدريد على خصمه أتلتيكو بنتيجة 1-0، ليتأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، للمرة الخامسة على التوالي، وذلك عن استحقاق تام، بعد أن تراجع فريق المدرب دييجو سيميوني طوال 180 دقيقة لم يخلقوا فيها ولو هجمة واحدة منظمة وخطيرة في لقاء بمثل تلك الأهمية.
كان سؤال «أنشيلوتي» الأكبر قبل اللقاء هو كيف يمكنه أن يعوض غياب لوكا مودريتش؟ وهل هناك بديل جيد لكريم بنزيمة؟
السؤال الأول ساعده فيه «سيميوني» كثيرًا، بينما السؤال الثاني كانت إجابته هي مفاجأة اللقاء السعيدة.
الشوط الأول:
(1) قبل بداية اللقاء أشارت بعض التقارير إلى أن «أنشيلوتي» سيقوم باللعب بـ«بيبي» في خط الوسط، كارتكاز دفاعي، مع صعود توني كروس للأمام لتعويض غياب «مودريتش».
أمر بدا خاطئًا على الورق، «بيبي» لاعب لا يجيد التمرير للأمام، هو جيد جدًا في الالتحامات والرقابة الفردية، ولكن مع توقع لعب أتلتيكو على الهجمة المرتدة فإن وجوده في وسط الملعب لن يكون مفيدًا ومجرد سد خانة عاجزة نظرًا لعدم ثقة المدرب الإيطالي في «إيارامندي» و«سيلفا».
في الملعب، ظهر الأمر مختلفًا، «بيبي» هو المدافع الثاني إلى جانب «فاران»، وسيرجيو راموس هو من يلعب في الوسط، أمام «كروس» وليس وراءه.
رهان «أنشيلوتي» كان على استغلال إجادة «راموس» للكرات العرضية، فجعله حرًا في الوسط ويتقدم كثيرًا داخل منطقة الجزاء، لم يستفد الفريق من هذا الاختيار كثيرًا، ومن العجيب أن «أنشيلوتي» جرب كل شيء في غياب لوكا مودريتش عدا إعادة «كروس» لمركزه الأصلي كلاعب وسط ثانٍ وليس ارتكازًا دفاعيًا كما يوظفه.
(2) الشيء الذي جعل إشراك «راموس» في الوسط لا يأتي بخطورة تذكر هو أسلوب «سيميوني» في هذا اللقاء، والذي لم يتغير عن مباراة الذهاب.
في الموسم الماضي كان أتلتيكو سيميوني شرسًا وعنيفًا، يلعب مدافعًا ولكنه قادر على أداء الهجمة المرتدة بشكل رائع، وفي حال حيازته للكرة فهو يهدف لمهاجمة خصمه، مما جعله خطيرًا جدًا في كل مبارياته الحاسمة.
الأمر قل نسبيًا هذا الموسم، ولكن ظل الفريق حاسمًا أمام ريـال مدريد تحديدًا، مباراة الـ4-0 في الدوري تظهر شراسة الفريق هجوميًا.
في اللقاءين الأخيرين، لم يكن أتلتيكو يهدف أصلًا للهجوم، لا يضغط من وسط الملعب بقدر ما يصنع خطين دفاعيين على حدود منطقة الـ18، مما جعل الكرة في حوزة ريـال مدريد أغلب الوقت، ولم يظهر أي أثر لهشاشة محتملة في خط الوسط نظرًا للعب «راموس» فيه لأول مرة وانخفاض مستوى «إيسكو» منذ البداية.
(3) سار كل شيء بوتيرة واحدة، استحواذ مُطلق على الكرة من جانب ريـال مدريد، الوصول ببعض الهجمات، ولكن تألق الحارس «أوبلاك» -نقطة أتلتيكو البيضاء الوحيدة في اللقاءين- يمنع الريـال من إحراز هدف.
في المقابل، عدم ضغط فريق «سيميوني» لم يتح الفرصة لظهور أي نقاط ضعف في الظهور داخل الريـال.
الشوط الثاني:
(1) أحد الاحتمالات المطروحة لتراجع أتلتيكو مدريد في الشوط الأول هو امتصاص حماسة خصمهم في الـ«بيرنابيو»، والاعتماد على أن لياقتهم البدنية تضعف كثيرًا في الشوط الثاني، كما حدث في الكلاسيكو أمام برشلونة، وفي مباراة الذهاب.
ولكن ما حدث أن ريـال مديد لم يتراجع بدنيًا، بالعكس، ظل شرسًا وعنيفًا ويخلق كرات أمام المرمى، وظهرت كذلك المفاجأة الأهم للجميع: خافيير هيرنانديز.. تشيتشاريتو.
(2) «تشيتشاريتو» كان النقطة الفاصلة في هذا اللقاء، والسبب الأهم في فوز ريـال مدريد، عوضًا عن أدائه الحماسي جدًا كأنها المباراة الأخيرة في مسيرته.. لكنه في الشوط الثاني امتاز أيضًا بالذكاء في التحرك ولمسة أخيرة جيدة لولا تألق «أوبلاك».
الانفراد الذي (سرق) نفسه فيه من وراء المدافعين ليتسلم بينية «إيسكو» الرائعة، أو الكرة التي (حَضَّن) فيها على الكرة من أمام دييجو جودين –أحد أفضل مدافعي العالم خلال العام الماضي-، عوضًا عن النشاط والحركة و(هَد) دفاعات الأتلتيكو طوال الوقت.
بالصدفة ظهر أن هذا هو ما يحتاجه ريـال مدريد في تلك اللقاء، أكثر كثيرًا من كريم بنزيمة. «أنشيلوتي» نفسه لم يتوقع مردودًا كهذا من الفتى المكسيكي.
(3) في المقابل، كل ردود أفعال «سيميوني» كانت دفاعية، اللجوء للمزيد من الدفاع، نزول «جابي»، ثم الأسوأ: خروج نجم الفريق أنطوني جريزمان في مقابل راؤول جارسيا، كانت تعيد الفريق للوراء وتجعله أكثر انضغاطًا طوال الوقت.
لماذا لم يبقَ «جريزمان» في الملعب في محاولة لاستغلال سرعته ولمسته أمام المرمى؟ لماذا لم يتم تغيير وضعه التكتيكي بدلًا من عمق الملعب إلى الأطراف؟ لماذا لم يحاول أتلتيكو في أي لحظة الضغط على خصمه من منتصف الملعب؟
«سيميوني» -لأول مرة- منح المباراة فعلًا لريـال مدريد، كان في الإمكان أفضل كثيرًا مما حدث.
(4) طرد أردا توران أنهى المباراة تقريبًا!
الطرد غير مؤثر في الحقيقة على المستوى التكتيكي، أتلتيكو يلعب على التعادل ويضع 9 لاعبين أمام منطقة جزاءه سواء قبل الطرد أو بعده، ولكن نفسيًا الطرد أثر كثيرًا، الريـال صار أكثر رغبة وشراسة في حسم اللقاء دون الدخول لأشواطٍ إضافية، في المقابل ظهر التوتر الشديد على لاعبي أتلتيكو كلهم، حتى القائدين جابي وجودين، كرة «أوبلاك» التي أخرجها لركنية رغم أنه عرضية طائشة من «راموس» كانت مؤشرًا على حجم الضغط الذي يشعر به لاعبو الأتلتيكو، والجميع بدا موقنًا من أن هدفًا قادمًا للريـال.
(5) تشيتشاريتو توَّج كل مجهوداته في هدف الفوز. المنطقي جدًا، والمستحق جدًا، أمام فريق لم يحاول لـ180 دقيقة أن يلعب كرة قدم.