فى أكتوبر من عام 1974 طلب الرئيس السادات من لطفى الخولى، رئيس تحرير مجلة الطليعة، والمستشار السياسى للرئيس عرفات، الذهاب إلى موسكو فى ديسمبر من ذلك العام مع وفد من المجلة لإعادة العلاقات بين القاهرة وموسكو.
وقبل رحلة وفد مجلة الطليعة إلى موسكو بأسبوعين اتصلت رئاسة الجمهورية بلطفى الخولى وأخبرته بإلغاء الرئيس السادات للرحلة. ولكن بعد عام، أى فى ديسمبر 1975، صُرح للوفد بالسفر إلى موسكو مع أمل فى إعادة العلاقات بين موسكو والقاهرة. ومن هنا دار فى ذهنى سؤالان:
ما الذى دفع السادات إلى الغاء الرحلة فى عام 1974؟
وما الذى دفعه إلى الموافقة عليها فى عام 1975؟
ومن هنا أيضاً تساءلت:
ما الذى دفعنى إلى إثارة هذين السؤالين:
إنها شخصية السادات، إذ هو يُظهر غير ما يُبطن، ومن ثم تكون عاجزاً عن معرفة مقصده مما يؤديه من أفعال. مثال ذلك: بعد الإعلان عن نتيجة الاستفتاء على رئاسته للجمهورية، وبعد أداء اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة قال السادات إن برنامجه هو برنامج عبدالناصر، ولهذا فإنه ملتزم ببيان 30 مارس الذى أصدره جمال عبدالناصر ووافق عليه الشعب فى استفتاء فى عام 1968. وإثر انتهائه من إلقاء خطابه فى المجلس انحنى أمام تمثال لعبدالناصر كان موضوعاً على منصة المجلس. وجاء ما أداه من أفعال بعد ذلك متناقضاً تناقضاً حاداً مع مسار عبدالناصر.
وتأسيساً على ذلك يمكن القول إن سبب إلغاء الرحلة فى ديسمبر 1974 كان مردوداً إلى تصميم أمريكا على ضرورة إلغاء مؤتمر جنيف الذى كان سيضم القوتين العظميين، إذ كانت تريد استبعاد الاتحاد السوفيتى حتى تنفرد بمسار السلام، ولم يكن ذلك ممكناً فى عام 1974، ولهذا ألغيت الرحلة. أما فى عام 1975 فقد تحركت أمريكا فى اتجاه إلغاء مؤتمر جنيف، وفى اتجاه دفع العلاقات بين القاهرة وموسكو إلى «منطقة اللاعودة» على حد تعبير السفير حافظ إسماعيل فى كتابه المعنون «أمن مصر القومى فى عصر التحديات» (2014).
وعند هذه النقطة، نقطة اللاعودة، صُرح لوفد مجلة الطليعة بالسفر إلى موسكو، وكان الوفد مكوناً من لطفى الخولى وأبوسيف يوسف، مدير تحرير المجلة، ومن مؤسسى الحزب الشيوعى المصرى للعمال والفلاحين، وعبدالمنعم الغزالى، شيوعى مهموم بقضايا العمال ومنحاز إلى حزب البعث العراقى، ولهذا هاجر إلى العراق قبل اعتقالات سبتمبر 1981، ومن هناك هاجم نظام السادات بضراوة. ومن مفارقاته أنه شقيق الشيخ محمد الغزالى الذى أفتى بتبرئة قاتل فرج فودة، وشقيق الزعيمة الإخوانية زينب الغزالى، وصاحب هذا المقال الذى أمضى عاماً كاملاً أستاذاً زائراً بجامعة موسكو لإجراء حوارات مع الفلاسفة السوفييت فى الفترة من 1968 إلى 1969، وألف كتاباً عن هذه الحوارات عنوانه «محاورات فلسفية فى موسكو» نُشر محذوفاً منه صفحات بأمر الرقابة، ثم نُشر كاملاً بعد إلغائها.
والسؤال بعد ذلك:
ماذا قيل لوفد الطليعة فى موسكو؟