كان محمود يونس هو مهندس عملية تأميم قناة السويس، ولو لم يكن في تاريخ هذا الرجل سوى قيامه بمهمة تسلمه القناة بعد تأميمها وإدارتها بدلا من المرشدين الأجانب لكفاه ذلك في واحدة من أحرج المراحل الانتقالية.
ولد في ١١ أبريل عام ١٩١١ في شارع الأربعين بحى السيدة زينب لأب يعمل موظفا في السكة الحديد وهو أحمد يونس، والتحق بكتاب الشيخ محمود في شارع العدوي بالسيدة ثم حصل على الابتدائية من مدرسة محمد على عام ١٩٢٤ والتحق بالمدرسة الخديوية ونال الكفاءة في ١٩٢٨ ثم البكالوريا عام ١٩٣٠.
التحق بمدرسة الهندسة الملكية وفي هذه المدرسة (الكلية) كان زعيما للطلبة وخرج في مظاهرات كوبرى عباس، وبعد معاهدة ١٩٣٦ التحق يونس بمدرسة الهندسة العسكرية وكان ضمن أول دفعة مهندسين مصريين في الجيش المصري.
وفي ١٩٤٣ عمل في إدارة العمليات الحربية وكان زميلا للملازم أنور السادات وكان قد صاحب جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر منذ ١٩٤٨ وشارك في حرب فلسطين، ولما قامت الثورة أسند إليه المكتب الفنى ورئاسة لجان جرد قصور الملك، وفي نوفمبر ١٩٥٣ انتخب نقيبا للمهندسين لدورتين.
أما عن دوره في ليلة تأميم القناة فنتركه يتحدث عنه من واقع مذكراته التي نشرتها مجلة الإذاعة عام ١٩٥٨ تحت عنوان «عصير حياتي» إذ قال: «في ليلة التأميم كنا ثلاث مجموعات إحداها رئيسية في الإسماعيلية والثانية في السويس والثالثة في بورسعيد وكنت على رأس مجموعة الإسماعيلية ولم يكن أحد يعلم سر المهمة في المجموعات الثلاث غيرى وعبدالحميد أبوبكر وعادل عزت ووصلنا الإسماعيلية بعد ظهر يوم التأميم فلما خطب ناصر في الإسكندرية وقال كلمة ديليسبس ثم قال: «والآن إخوان لكم..»، دخلت مع المجموعة مبنى الشركة واستدعيت المسؤولين وأبلغتهم قرار التأميم بالعربية وانهاروا أمامى وطلبوا مني تأمين حياتهم.
وفي يوليو ١٩٥٧، صدر قرار ناصر بتعيين يونس رئيسا لهيئة القناة وظل في موقعه حتى أكتوبر ١٩٦٥ حيث تم تعيينه نائبا لرئيس الوزراء لشؤون النقل والمواصلات ثم وزيرا للبترول، كما اختير أيضا عضوا بالبرلمان عن دائرة البستان ببورسعيد عام ١٩٦٤ إلى أن لقى ربه «زي النهاردة» في ١٨ أبريل ١٩٧٦.
ويقول الكاتب الصحفي عبدالله السناوي : «لو لم يكن في تاريخ هذا الرجل سوى قيامه بهذه المهمة لكفاه ذلك شرفا وطنيا لقد كان محمود يونس نموذجا للضابط الوطني المنضبط والذكي أيضا وقد قاد عملية التأميم بنجاح ولعب بكارت المرشدين المصريين واليونانيين للحيلولة دون محاولات إفشال التأميم ومن بعدها عملية إدارة القناة وهي عملية لاتحتمل الفشل في واحدة من أحرج المراحل الانتقاليةلمصر وفشلها يعني فشل للوطنية المصرية ككل وكان يونس أول رئيس لهذا المرفق الوطني منذ ١٩٥٧ومن بعدها جاء وزير للبترول».