أمريكا وإيران.. عودة للصداقة أم متاجرة بالخصومة؟ (2)

رفعت السعيد الجمعة 17-04-2015 20:47

والحقيقة أن إيران قد تلقنت درس الهجوم العراقى فتركت العديد من القضايا الاجتماعية بلا حل، وخصصت أموالا طائلة وخبرات تكنولوجية عالية فى إقامة صرح عسكرى هائل بالمقارنة بالدول المجاورة.

ونجحت فى إقامة شبكة سرية لتهريب السلاح لحلفائها، وتكشف وكالة فوكس نيوز عن وجود الوحدة 190 التابعة لفيلق القدس بالحرس الثورى، متخصصة فى تهريب الأسلحة لحلفائها فى عديدٍ من البلدان.

وقد تم تسريب محتوى رسالة موجهة فى 20 فبراير 2015 إلى رئيس مجلس الأمن من اللجنة المشكلة بالقرار 2140 لسنة 2014 لدراسة الوضع فى اليمن، وفيها «لا يمكن تجاهل الدور الإيرانى فى تسليح وتدريب أنصارها فى اليمن وإريتريا». وأعاد التقرير إلى الأذهان واقعة قيام قوات خفر السواحل اليمنية فى عام 2013 بمساندة شركاء دوليين باعتراض السفينة «جيهان» التى كانت تحمل ذخائر وأسلحة إيرانية الصنع، منها 10 منظومات دفاع جوى محمولة، 20 مقذوفا صاروخيا «آر.بى.جى»، و18 صاروخ كاتيوشا 122 مم. وتعتمد إيران فى علاقاتها مع القوى الشيعية لتحقيق حلمها الامبراطورى على المعتقد الشيعى الذى يعتمد على مقولة «الإمام»، الذى يستمد ولايته من الرسول ومن الحاكمية الإلهية، ومن ثم يكون الرضوخ لإرادته أمرا محتما.

كما أن إيران تمد نفوذها إلى قوى سنية باعتبارها المعارض والمعادل للنفوذ الإسرائيلى، وتستند فى ذلك المنطق إلى معركة حزب الله ضد إسرائيل، وإلى مساندته لحماس فى معركتها مع إسرائيل.

وثمة نموذج للتلاعب الإيرانى المرن فى المنطقة بتحالف الحوثيين مع على عبدالله صالح، ثم تدمير تحالفه مع القوى السنية (آل الأحمر- والإخوان) وبعد أن كرسوا نفوذهم فى السلطة تخلوا جزئيا عن صالح لينفردوا بالسلطة.

كما نجح الحوثيون فى اعتلاء موجة الاعتراض الشعبى ضد إلغاء الدعم على أسعار الوقود، فقادوا تحركا شعبيا انتهى باستيلائهم على مفاصل صنعاء.

ووصل الأمر بمسؤول خليجى إلى التصريح «فيما نعتقد أن الحوثى يقود العمل العسكرى والسياسى فى اليمن، فإن الحقيقة هى أن آيات الله الإيرانيين هم الفاعلون الأصليون».

ونجح الإيرانيون فى توظيف المعتقد الشيعى فى مساحات كبيرة، سواء فى العراق أو البحرين أو الكويت وبعض مناطق السعودية لإيجاد نفوذ مناوئ للسلطات هناك، ويلعب الإيرانيون أيضا على تفتيت وحدة دول الخليج باستعداء قطر التى بدأت فى المراوغة، لتعلن وقوفها ضد الحوثيين، بينما تساند جماعة الإخوان الإرهابية، وتسلح القوى الإرهابية فى مصر وليبيا والصومال ومالى ونيجيريا وغيرها.

وكذلك الأمر مع تركيا التى تساند أكثر من فصيل إرهابى فى سوريا ومصر وغيرهما. ويمكن فهم الموقف الأمريكى بأنها تتفاوض نووياً مع إيران لإفزاع دول التعاون الخليجى ودق إسفين بينها وبين مصر، وفى نفس الوقت تعلن دعمها لعاصفة الحزم وسيلةً للتضاغط مع إيران التى تمددت بأكثر من اللازم فى اليمن وباب المندب.

ويبقى أن نؤكد أنه مهما كان التلاعب العبثى الذى يتبدى ماكرا فإن أمريكا لم تزل تعادينا نحن وثورتنا وجيشنا وكذلك إيران. فلندرك الحقيقة دون تردد ودون خوف.