أزمة تجسيد يوسف وهبى دور «الرسول» فى فيلم تركى

الخميس 15-10-2009 23:00

نشرت مجلة المسرح فى عددها الصادر 26 مايو 1926، تقول فيه إن شركة سينماتوغرافية جاءت إلى مصر واتفقت مع يوسف وهبى على أن ينتقل مع بعض أفراد فرقته إلى باريس ليمثل للشركة رواية «النبى محمد» وأن يوسف وهبى «أخذ يستعد لأداء دوره وصنع لنفسه صورًا فوتوغرافية للشكل الذى ابتدعه لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وهى صورة لا تختلف عن صورة راسبوتين، وأضاف المحرر «إذن ففى عرف يوسف وهبى، يكون نبينا محمد رسول الله، وحامل علم الدين الإسلامى وناشر كلمته، يشبه تماما راسبوتين، فيما يشبه تحريض رجال الدين على يوسف وهبى قال المحرر: فما رأى علماء الدين الأجلاء فى هذا العمل؟!

وما مبلغ علم يوسف وهبى بالدين وأخلاق النبى عليه السلام وصفاته حتى يقدم على إبراز شخصيته؟! ألا يعد هذا تهزيئا مؤلما. ثم هو إهانة جارحة لكل المسلمين!. وما إن نشر هذا الموضوع حتى فتحت أبواب جهنم على يوسف وهبى ، وشنت حملة شرسة ضده، ونما إلى سمع الجميع أن يوسف وقع على عقد الفيلم فى السفارة الألمانية ، وأرسل شيخ الأزهر خطابًا إلى وزارة الداخلية فى اليوم التالى مباشرة يطالبها فيه بالتحقيق فى الأمر، لمنع يوسف وهبى من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر،

كما طالب أن تخاطب حكومة باريس، بواسطة ممثل مصر هناك فى منع تمثيل هذه الرواية، واستدعت الداخلية يوسف وهبى وحققت معه وأرسلت ردًا للمشيخة تقول فيه إن يوسف وهبى سيعتذر فى الصحف عن قبوله للدور، وسيعدل عنه وأرسل الملك فؤاد تحذيرًا شديدًا ليوسف وهبى، ونشرت الأهرام فى 21 مايو 1926 مقالاً لعبدالباقى سرور عنوانه «كيف يصورون النبى محمدًا» وطالب فيه الحكومة أن «تبادر فتمنع يوسف وهبى من السفر لتمثيل تلك الرواية، فإن مثل هذا التصوير يعد تشهيرا بالنبى وتحقيرا لشأنه، واستهزاء بدينه، وإساءة لمعتنقى دعوته وحطا من كرامة المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وتسويئا لسمعة الديانة الإسلامية»

ولم يكن بمقدور يوسف وهبى اللجوء للصمت لأكثر من هذا والنار مشتعلة حوله من كل جانب، فرد فى اليوم التالى مباشرة، 22 مايو، على ما نشرته الأهرام بقوله: «اطلعت فى عدد الأمس على مقال كتبه مسلم غيور وبه يشكو لولاة الأمور ما قرأه فى مجلة المسرح عن عزمى على تمثيل رواية النبى محمد بشكل وهيئة لا تليق بكرامة النبوة ولا تتفق مع عظمة الدين، وقد ذكر حضرته أننى صورت شخصية النبى كشخصية الراهب الدنىء راسبوتين،

وهذا الخبر كاذب، وحقيقة لا أصل لها إلا التشويه والطعن من مجلة أخذت على عاتقها تقبيح كل حسن والنيل من كرامة كل عامل على خدمة وطنه»، ولم ينف يوسف وهبى أنه وافق على القيام بالدور بل فسر قبوله بقوله: «إننى إذا كنت قد رضيت أن ألعب هذا الدور فليس إلا لرفعة شأن النبى محمد صلى الله عليه وسلم وتصويره أمام العالم الغربى بشكله اللائق به وحقيقته النبيلة، وليس الغرض من هذا الفيلم سوى الدعوة والإرشاد للدين الإسلامى، وليثق سيدى الغيور أننى أول من يعمل على رفعة شأن ديننا الحنيف، ولكن رجائى إليه ألا يصغى لأقوال الإفك وترهات قوم عُرفوا بالخديعة والملق».

ثم توجه يوسف وهبى بكلامه إلى رجال الدين، طالبهم فيها بإرشاده إلى الصواب وأن يقولوا له، هل يقوم بهذا الدور أم يرفضه، مع إحاطتهم أنه إذا رفض فسيقوم بهذا الدور ممثل أجنبى لا يهمه من أمر ديننا شىء.

وفى نهاية الرسالة أكد يوسف وهبى أنه سيرفض القيام بالدور عن طيب خاطر حتى لو كان سيجنى من ورائه الأرباح الطائلة، إذا رأى العلماء هذا الرأى. وأنهى الرسالة بقوله: «ليعلم إخوانى المصريين أن شعارى دينى قبل كل شىء».

ولم ينته شهر مايو حتى كانت «الأهرام» قد نشرت بيانا ليوسف وهبى قال فيه: «بناء على قرار أصحاب الفضيلة العلماء واحترامًا لرأيهم السديد، أعلن أننى عدلت عن تمثيل الدور وسأخطر الشركة بعزمى هذا».

أما عن قصة الاتفاق مع يوسف وهبى على الفيلم فيقول يوسف وهبى: «زارنى بمسرح رمسيس الأستاذ الأديب التركى وداد عرفى، وقدم لى سيدا يدعى الدكتور كروس، وأفهمنى أنه شخصية لها وزنها، وأنه رسول عاهل تركيا الرئيس أتاتورك ومستشاره الخاص وجنسيته ألمانية، وطلب منى أن أحدد موعدًا معه لأمر مهم جدًا، علمت فى اللقاء أن د. كروس يمثل مؤسسة سينمائية ألمانية مشهورة وقد نال موافقة رئيس الجمهورية التركية على إنتاج فيلم إسلامى ضخم كدعاية مشرفة للدين الإسلامى الحنيف وعظمته وسمو تعاليمه، تشارك فى نفقاته الحكومة التركية باسم «محمد رسول الله» وقد أعد السيناريو، وصرحت بتصويره لجنة من كبار علماء الإسلام فى إستانبول.