واشنطن- القاهرة.. العيش على ضفاف النهر

إميل أمين الأربعاء 15-04-2015 21:21

لماذا وافق أوباما على تسليم مصر الأسلحة التى كان متفقا عليها من قبل، مع علم الجميع بأن العلاقات مع مصر تشوبها شائبة، وهناك حزازات فى الصدور تجاه حكم الرئيس السيسى على نحو خاص؟

واقع الحال يطول الجواب، وينقسم إلى قسمين: الأول يتصل بالأمريكيين. والثانى بالمصريين.

أما فيما يخص واشنطن، فمن الواضح أن هناك اختلافا كبيرا فى الرؤى بين الأركان الفاعلة فى واشنطن، ولا سيما الكونجرس والبيت الأبيض، خذ، على سبيل المثال، موقف رئيسة لجنة الاعتمادات المالية فى مجلس النواب «كاى جرانجر» التى أرسلت الشهر الماضى رسالة لوزير الخارجية جون كيرى تهدده فيها بوقف أى دعم آخر، إذا لم تقدم بلادها طائرات الـF16 المقاتلة، والدبابات المتوقف تقديمها لمصر منذ عام 2013.

أما عضو النواب «لويس فرانكل» فخلال جلسة الاستماع التى أقامها مجلس النواب لوزير الخارجية كيرى على مدار يومين قال: «نحن نرى مصر كحليف لنا ضد داعش، فلماذا نستمر هنا فى وقف الدعم المالى لها؟

لا يتصل الأمر فقط بالسياسيين الأمريكيين، بل ينسحب كذلك على قادة الفكر داخل البلاد، فقد كتب ديفيد أغناتيوس، صاحب الوزن الثقيل فى الواشنطن بوست، القريبة من البيت الأبيض يقول: إن واشنطن ليس لديها خيار آخر سوى دعم مصر، فى كل المجالات، إذا أرادت الإدارة الأمريكية تحقيق التوازن بالمنطقة.. هل مصر لا تزال مهمة بالنسبة للأمريكيين، وهذا ما أرغم أوباما على استئناف المساعدات العسكرية؟

هذا ما يقر به بالفعل ستيفن هادلى، مستشار الأمن القومى الأمريكى السابق، وعنده أن أهمية مصر الاستراتيجية الآن أكثر مما كانت عليه فى الماضى لتحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط.

البرجماتية السياسية الأمريكية إذن هى السبب وراء تصرف أوباما الأخير من على الجانب الأمريكى.. ماذا عن الجانب المصرى؟

يتعاطى السيسى لغة راقية مع الإعلام الأمريكى، تجعل من الرأى العام الأمريكى متعاطفا معه، ما يسهل مهمة أعضاء الكونجرس، ويشكل ضغطا على أوباما. ففى الأسابيع القليلة الماضية تعرضت مصر لهجوم شديد من قبل صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، غير أن السيسى وفى حواره مع الوول ستريت جورنال- كان يبعث برسائل طمأنة للمواطن الأمريكى، مستخدما لغة إنسانية تظهر الامتنان المصرى للمساعدات الأمريكية السابقة، وتبدى من المودة ما يكفى لعدم إدارة القاهرة ظهرها لواشنطن، حتى وإن أدارت الأخيرة ظهرها لمصر.

وفى كل الأحوال، فإن التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما قال الجنرال الباكستانى ضياء الحق، لمدير الاستخبارات المركزية الأمريكية السابق، ويليام كيسى، ذات مرة «أشبه بالعيش على ضفاف نهر كبير، الأرض خصبة جدا، لكن كل أربع أو ثمانى سنوات، يغير النهر مجراه، وقد تجد نفسك وحيدا فى الصحراء».