حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، الأربعاء، من أن ما يقرب من 11 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، ويتعرض ملايين آخرون لخطر عدم الوفاء باحتياجاتهم الغذائية الأساسية وسط تصاعد الصراع وفي فترة حاسمة من الموسم الزراعي الجاري.
ووفقاً لأحدث تقييم لمنظمة «فاو»، أصدرته الأربعاء أسفر تصاعد الصراع في كل المدن الرئيسية تقريباً بجميع أنحاء البلاد عن تعطيل الأسواق والتجارة، ودفع بأسعار المواد الغذائية المحلية إلى الارتفاع، وعرقل الإنتاج الزراعي، بما في ذلك إعداد الأراضي وزراعتها بمحصول الذرة الرئيسي لعام 2015، إلى جانب حصاد محاصيل الذرة البيضاء.
ويعيش 10.6 ملايين يمني الآن حالة حادة من انعدام الأمن الغذائي، وبضمنهم 4.8 مليون يواجهون «حالة طوارئ»، إذ يعجزون عن تدبير قوتهم اليومي ويعانون من معدلات سوء تغذية بالغة الارتفاع ومتفاقمة، مما تمخض أيضاً عن دمار لا رجعة فيه لسبل معيشتهم.
كما يعاني من سوء التغذية الحاد في جميع أنحاء اليمن حالياً 850 ألف طفل ويحتاج نحو 16 مليوناً من أصل ما مجموعه 26 مليون نسمة، شكلاً من أشكال المساعدات الإنسانية، بينما لا تتاح لهم إمكانية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب.
ومن المتوقع أن يتفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن الذي طالما عاني من ظاهرة الفقر، مع تصعيد النزاع الجاري. ومن المفارقات أن نحو 2.5 مليون من منتجي المواد الغذائية، بما في ذلك المزارعون والرعاة والصيادون وعمال الأجر الزراعي، هم من بين الفئات المحددة التي تقع ضحية لانعدام الأمن الغذائي.
ويستشري انعدام الأمن الغذائي بصورة حادة لا سيما في المحافظات الواقعة في أقصي الشمال الغربي، وفي جنوب البلاد.
وفي بعض المناطق، مثل ميناء الحديدة بغرب اليمن، تضاعفت أسعار المواد الغذائية وارتفعت أسعار الوقود بمقدار أربعة أضعاف. والمتوقع أن تشهد الأسعار مزيداً من الزيادات نتيجة لنقص الوقود، وتأثير الاضطرابات المدنية على الواردات وشبكات النقل في جميع أنحاء اليمن. وبينما تشكل الزراعة مورد معيشة لما يقرب من ثلثي اليمنيين، يعتمد اليمن أيضاً اعتماداً رئيسياً على واردات المحاصيل الأساسية.
في الوقت ذاته، انهارت خدمات البنية التحتية وتعطلت برامج شبكات الضمان الاجتماعي الحكومية، مما سدد ضربة إضافية إلى الملايين من الأسر الفقيرة.
ووسط تلك البيئة المتسمة بصعوبات بالغة عكفت منظمة «فاو» مع الشركاء الإنمائيين منذ عام 2014 على دعم المزارعين المحليين والمشردين داخلياً بغية تعزيز سبل معيشتهم من خلال توزيع أطقم إنتاج المحاصيل، ومجموعات زراعة الحدائق المنزلية، ومدخلات مصايد الأسماك، بالإضافة إلى الدواجن والماعز المحصنة للإنتاج الحيواني في الفناء المنزلي.
وساعدت حملات التطعيم الحيوانية الإضافية وحملات الصحة النباتية المزارعين حماية أصولهم الزراعية، من الماشية والأشجار، ووقايتها من الأمراض وتهديدات الجراد.
ومنذ عام 2014، استفاد أكثر من 90 ألف شخص (13450 أسرة) من برامج «فاو». وإن سمحت الظروف الأمنية، تهدف المنظمة الوصول إلى ما يقرب من 235 ألف شخص عبر خطتها للاستجابة في اليمن خلال الفترة 2014-2015؛ لكن هنالك حاجة إلى المزيد من التمويل حيث لم يُقدم أكثر من 4 ملايين دولار من المبلغ المطلوب بمقدار 12 مليوناً، لمؤازرة أنشطة كسب الرزق المحلية.
وقال عبدالسلام ولد أحمد، المدير العام المساعد لدى المنظمة لإقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، قائلاً «حتى قبل اشتداد القتال في ربيع هذا العام، كان اليمنيون في حاجة ماسة إلى الدعم لبناء إنتاجهم الزراعي»، مضيفاً «إن الوضع المتدهور الراهن يعني أننا بحاجة إلى مضاعفة جهودنا أضعافاً لضمان أن يتمكن العديد من المزارعين من زرع هذا الموسم وإنمائه أن يعززوا قدرتهم على تحمل الصدمات في المستقبل».