العالم يفقد «جراس» الذى هتف يوماً: متى تستيقظون يا مصريين؟!

سمير فريد الثلاثاء 14-04-2015 21:14

فقد العالم، أمس الأول، الأديب الألمانى جونتر جراس الذى وُلد عام 1927، ويعتبر من أعظم أدباء القرن العشرين، وفاز بجائزة نوبل للأدب عام 1999، وعُرف برواياته الفريدة التى تمزج التاريخ بالواقع، والواقع بالأسطورة، ومن أشهرها «الطبلة الصفيح» التى صدرت عام 1959، وتُرجمت إلى العربية، وأخرج عنها فولكر شوليندورف عام 1979 فيلماً بنفس العنوان فاز بالسعفة الذهبية فى مهرجان «كان» ذلك العام مع الفيلم الأمريكى «نهاية العالم الآن» إخراج فرانسيس فورد كوبولا.

عبّر «جراس» عن ألمانيا فى القرن العشرين من الحرب العالمية الأولى حتى الثانية، ومن الانقسام إلى غرب وشرق إلى الوحدة مرة أخرى فى بداية العقد الأخير من القرن، ولكنه اتخذ من تاريخ بلاده الحديث وسيلة للتعبير عن الشرط الإنسانى بصفة عامة، ولهذا نقول إن العالم كله فقد هذا الكاتب العظيم، وكان «جراس» شجاعاً لا يخشى قول ما يعتقد أنه الحق ولو كان مخالفاً للسائد، وفى عام 2006 اعترف فى كتابه «أثناء تقشير البصل» بأنه انتمى إلى الحزب النازى وهو فى الخامسة عشرة من عمره، واعترض على الرسوم الدنماركية المسيئة لرسول الإسلام، وفى عام 2012 نشر قصيدة «ما ينبغى أن يُقال» ضد عنصرية إسرائيل تجاه الشعب الفلسطينى.

وكان «جراس» يعرف الثقافة العربية جيداً، وزار مصر عام 1980، واليمن عام 2002، وفى هذه الزيارة منحه الرئيس اليمنى السابق «صالح» وسام الأدب، فاشترط لقبوله أن يسمح بعودة الكاتب اليمنى وجدى الأهدل من منفاه إلى بلاده، ووافق «صالح» على الفور، وقد رافقت «جراس» عندما زار مصر عام 1980 مع «شوليندورف»، وقمت بإدارة المناقشات معهما فى جمعية النقاد بعد عرض فيلم «الطبلة الصفيح»، ولكنى لا أنسى ندوته فى اتحاد الكتاب أثناء هذه الزيارة، وحديثه فيها عن مصر، والذى دل على معرفة عميقة أدهشت كل الحاضرين.

قال «جراس»: «لقد توقعت أن تنهض مصر وتعود إلى صنع التاريخ كما كانت دائماً بعد حرب السويس فى معركة بناء السد العالى، ولكنها لم تنهض، وتوقعت أن تنهض بعد هزيمة 1967، ولكنها لم تنهض، وبعد انتصار 1973، ولكنها لم تنهض»، وهتف قائلاً: «متى تستيقظون يا مصريين إذن إذا لم تفعلوا فى معركة البناء، ولا بعد الهزيمة ولا النصر؟!». وكم كان الكاتب الراحل على حق فى السؤال الذى لايزال يؤرقنا حتى الآن: متى نستيقظ؟!

samirmfarid@hotmail.com