كل رجال الرئيس..!

عاصم حنفي الثلاثاء 14-04-2015 21:14

أس المشاكل فى مصر هو المطبخ الرئاسى.. المطبخ يدرس ويحلل ويناقش ويفند ويضع التصورات ويوضح المخاطر ويحدد الأهداف ويرصد الأولويات ويتنبأ بردود الأفعال.. ثم يضع ذلك كله أمام الرئيس لاتخاذ ما يراه مناسباً.. قبل إبلاغه للناس بطريقة مقبولة جماهيرياً.

مطبخ الرئيس هو خلية النحل التى لا تراها فى الظاهر.. هى الوحدة التى تضم الخبراء فى كل المجالات.. السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية.. وهو المصنع الذى يتولى التجهيز لمقدرات الأمة.. حاضرها ومستقبلها.

لا تتصور أن مطبخ الرئيس يضم زويل والباز وغنيم والعريان.. هؤلاء علماء ليس لهم فى شغل السياسة.. هم نياشين يضعها النظام – أى نظام – فى عروة الجاكتة يتحلى بها.. يستعين بهم أحياناً فى مجالات العلم.. لكنهم ليسوا أبداً خبراء فى المطبخ الرئاسى!

لا تقل فلاناً أو فلانا من اللامعين جداً هذه الأيام.. هؤلاء يتنططون مثل فرقع لوز.. فى محاولة لتلميع أنفسهم لزوم المكاسب والأرباح.. هؤلاء مثل فشار الذرة.. يتقافزون كلما اقتربوا من سخونة الأحداث.. لكنهم ليسوا مستشارين بالمرة..

وعندما تكتشف أن رئيس الدولة التى شاركت فى التحالف ضد اليمن.. لديه مخاوف من المشاركة البرية فى الحرب المتوقعة.. ويخشى تكرار تجربة الستينيات.. فهذا يعنى أنه يفتقد الناصح الأمين من طاقم المستشارين حوله.. وذات مرة صرح السيسى بأن عبدالناصر كان محظوظاً بطاقم المستشارين والخبراء الذين عملوا معه..

وزمان زمان.. كان المطبخ الرئاسى شبه الثابت لجمال عبدالناصر يضم محمود فوزى وهيكل وعلى صبرى والقيسونى وزكريا محيى الدين وكمال رمزى إستينو وعزيز صدقى والباقورى وغيرهم..

وزمان.. بدل السادات كثيراً فى مطبخه السياسى.. الذى ضم فى بعض الأحيان عبدالعزيز حجازى وحسن عباس زكى وإسماعيل صبرى عبدالله وعثمان أحمد عثمان والمشير الجمسى وموسى صبرى ومحمود رياض.

وحتى حسنى مبارك استعان بمطبخ سياسى من فؤاد محيى الدين ورفعت المحجوب وعاطف صدقى وكمال الشاذلى وصفوت الشريف ويوسف والى وسمير رجب وزكريا عزمى..

الآن أنت لا تعرف بالضبط أسماء المطبخ الرئاسى الذى يدير شؤون البلاد ويساعد رئيس الجمهورية فى اتخاذ قراراته السياسية والاقتصادية والعسكرية..

لكن الملاحظ أن الفريق الرئاسى يتعجل أحياناً فى اتخاذ قرارات لها بعد جماهيرى لم يدرس جيداً.. ولم يناقش مع الناس.. ولهذا جاءت ردود الأفعال متباينة ومندهشة كثيراً.. وخذ ما حدث من الموافقة المفاجئة لبناء سد النهضة الإثيوبى.. رغم معارضة الخبراء على التوك شو.. ثم قرار إنشاء عاصمة جديدة لمصر دون التشاور الجماهيرى والحكومى من خلال مجلس الوزراء..

وأخيراً المشاركة مع التحالف السعودى فى حرب اليمن.. والذى قرأه الناس فى الجرائد فى اليوم التالى..!!

المشاركة فى حرب اليمن حتى الآن غامضة وغير مفهومة.. ولا تعرف يا أخى كيف تطلب السعودية مساعدات عسكرية وطائرات وعندها أحدث ما أنتجت الترسانة العسكرية فى بلاد الخواجات.. وإذا كانت تلك المشاركة المصرية خياراً ضرورياً.. فلماذا لا نخرج على الناس لنقول هذا الكلام.. لماذا الغموض والصمت قبل الخروج علينا بقرارات جاهزة.. درست فى المطبخ الرئاسى المتعجل والذى لا تعرفه جيداً..؟!

أقول قولى هذا وأنا أخشى أن هناك بعض القوى العالمية تحاول سحب مصر بعيداً عن مسرحها الذى تعرفه.. تحاول جر مصر لمستنقع لا تعرفه.. وقد حاولت تلك القوى جر مصر لمعارك طاحنة مع قوى الإرهاب المدربة والمسلحة.. فلما فشلت فى إيقاع مصر.. تحاول الآن جرها لحرب اليمن..!

ووالله.. لو أن السعودية الشقيقة تعرضت للعدوان الخارجى لباع الناس فى مصر هدومهم دفاعاً عن أراضيها المقدسة.. أو لو كانت الحرب بعيدة فى اليمن لبسط الهيمنة السعودية.. فعلى أن أحسبها جيداً.. وعلى مصر الشقيقة ساعتها أن تأخذ بالحياد الإيجابى..

الحياد الإيجابى يعنى أن أقف على مسافة واحدة من الأطراف المتحاربة.. وأن أمنع اعتداء طرف على الآخر.. ويكفى الطيران والدفاع الجوى.. أما التدخل العسكرى بقوات برية مصرية.. فلا مؤاخذة أنا شخصياً أخشى التورط فى الفخ المنصوب هناك..

واسألوا طاقم الخبراء فى المطبح الرئاسى..!