هي (كأمريكا)

جمال الجمل الأحد 12-04-2015 05:06

«نحن كأمريكا نجدد مناشدتنا للسلطات المصرية بإطلاق سراح محمد سلطان لأسباب إنسانية، ونطالب الحكومة المصرية بإعادة تصحيح قرارها بشأنه»!

هكذا قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، ماري هارف، معلنة خيبة أمل واشنطن تجاه الحكم القضائي في القضية المعروفة إعلاميا باسم «غرفة عمليات رابعة».

في البداية استفزني تصريح هارف، وقلت سريعا: «أنا كجمال أجدد استنكاري لبيانكم كأمريكا، وأطالبكم بعدم التدخل في قضائنا وقدرنا».

ولأنني من المعجبين بالشقراء الأمريكية الشابة، لم أغضب منها شخصيا، فهي تتحدث (كأمريكا)، لذلك لم أندهش عندما أعلنت في نفس اليوم أنها تتفهم «كثيرا» تنفيذ بنجلاديش لحكم الإعدام في القيادي الإسلامي «محمد قمر الزمان»، الذي حوكم أمام محكمة حرب دولية أسستها (دكا) للنظر في جرائم العنف والقتل أثناء مايسمى «حرب الاستقلال» في بداية السبعينات؟!

هل تحتاج هارف (كأمريكا) إلى 40 عاما من المحاكمات لتتفهم أن محاكمات الإخوان تتعلق أيضا بجرائم عنف وإرهاب لاتزال مستمرة بشكل يومي وتهدد أرواح عسكريين ومدنيين في كل أنحاء مصر؟!

أظن لا، فموقف الخارجية الأمريكية كما صاغه بيان الحسناء المثيرة للجدل لم يشكل بالنسبة لي أي إزعاج، بالعكس شعرت أن البيان يعبر عن تنازل واضح في السياسة الأمريكية تجاه الإخوان، حتى أن سارة سلطان شقيقة محمد عاتبت واشنطن علنا قائلة إن السفارة «باعت محمد» الذي يحمل الجنسية الأمريكية، كما أن اللغة التي استخدمتها السيدة هارف في بيانها كانت مهذبة لدرجة تغيظ، فواشنطن «تناشد»، و«تشعر بالقلق حيال الحالة الصحية» للمحكوم عليه، وتطلب إعادة النظر «لأسباب إنسانية»، وتبرر «قلة حيلتها» تجاه الحكم على مواطن أمريكي مؤكدة اهتمامها (الجاد) بمساعدة كل المواطنين الأمريكيين خارج الحدود، ومبررة أن السفارة تقوم بدورها في مساعدة «سلطان»!

هل يعني هذا أن القاهرة انتصرت على واشنطن، وأن إدارة أوباما «تابت» وقررت وقف الدعم السري والمعلن للإخوان؟

لا يمكن تقديم إجابة صحيحية عن هذا السؤال بنعم أو لا؟

لأن البيانات الدبلوماسية لا تعبر عن استراتيجيات الدول، وتتضمن توازانات لحظية، وتعبيرات إعلامية لاعبر بالضرورة عن الخط الرئيسي لسياسات الدول وحقيقة العلاقات بينها.

وهذه العلاقة بين السياسة والدبلوماسية تحتاج إلى مقال موسع في وقت لاحق، أتمنى (كجمال) أن تتيح لي الأحداث المتلاحقة فرصة لكتابته قريبا

جمال الجمل

tamahi@hotmail.com