هنا «مخيم اليرموك»

جيهان فوزي الجمعة 10-04-2015 21:06

«مخيم اليرموك» اسم لم يكن ذا قيمة تستوقف أحدا حين سماعه، قبل أن يتحول هذا الاسم إلى معاناة جديدة تضاف إلى معاناة اللاجئين الفلسطينيين في المهجر والشتات، فقد حصل المخيم على نصيبه من أزمة الصراع المحتدم في سوريا بين نظام بشار الأسد والمعارضة السورية من جهة، وبعض الحركات الإسلامية الجهادية والتكفيرية المناوئة للنظام والتى تصدرت المشهد منذ اندلاع الحرب الأهلية أو «الثورة السورية» في مارس عام 2011 من جهة أخرى.

المخيم نفسه كان ملاذا وملجأ لكثير من أهالي ريف دمشق وأهالى أحياء العاصمة دمشق التي تعرضت للقصف، وبقي المخيم آنذاك آمنا وهادئا نسبيا وبعيدا عن التوترات، حتى منتصف شهر يناير عام 2012، بدأت بحملة عسكرية على المخيم بعد تقدم قوات المعارضة من الأحياء الجنوبية في دمشق، اندلعت على أثرها الاشتباكات العنيفة بين طرفي الصراع الجيش النظامي السوري والجيش الحر مع بعض العناصر الفلسطينية التي انشقت عن اللجان الشعبية التابعة لأحمد جبريل المؤيد لنظام بشار.

ومنذ نحو عامين وجيش النظام السوري يحاصر المخيم بشكل متقطع، ثم تحول إلى حصار محكم دائم منذ سبتمبر من العام الماضي، بما تبقى من سكان ويقدرون بنحو 20 ألف لاجئ فلسطينى محاصر بعد فرار معظم سكانه، فقد دفعت الأحداث المشتعلة في سوريا إلى ترك منازلهم ونزوح أكثر من 185 ألفا من أهالى المخيم واللجوء إلى دول مجاورة.

الصراع المتعدد الأطراف في المخيم غير مفهوم، وخريطة القوى المتصارعة يلفها الغموض بالذات مع دخول تنظيم «داعش» المخيم وسيطرته على معظم المخيم، إثر معارك ضد القوى والفصائل السورية والفلسطينية المعارضة للنظام السوري التي كانت تسيطر على المخيم منذ عامين تقريبا، لكن الصادم في الأمر أن أكثر من 12 جماعة مسلحة تتقاتل حاليا داخل المخيم وحوله!!

يتقاسم المخيم تنظيمات عدة منها جبهة النصرة المناوئة للنظام وأكناف بيت المقدس أكبر الفصائل التي تسيطر على المخيم ويقال إنه تابع لحركة حماس التي تنفي بدورها ذلك قطعيا! بالإضافة إلى أحرار جيش التحرير الذي يضم عناصر منشقين من جيش التحرير الفلسطيني وهو يتقاسم مع جبهة النصرة وأكناف بيت المقدس والفصائل السورية المعارضة السيطرة على المخيم.

ما يشاع عن سبب دخول داعش إلى المخيم أن لديه ألف مقاتل هناك وهو الأكثر امتلاكا للسلاح والذخائر والمال، وبسبب قتاله واعتدائه على مقرات جيش الإسلام وأجناد الشام (فصائل سورية معادية للنظام داخل المخيم) منذ عام، قاتلته معظم الفصائل فانسحب إلى منطقتي الحجر الأسود ويلدا خارج المخيم، إلى أن حدثت اغتيالات في صفوف عناصر موالية لأكناف بيت المقدس اتهم تنظيم داعش بقتلها!! وعلى إثر ذلك اعتقل العديد من عناصره، الأمر الذي لم يعجب التنظيم فدخل عناصره بعلم جبهة النصرة إلى المخيم التي تعتبر صاحبة النفوذ الأكبر دون اعتراض، ورغم وقوفها على الحياد إلا أنها عطلت دخول فصائل من مناطق الجنوب لمآزرة أكناف بيت المقدس!

ورغم أن هذا التحالف المبطن بين جبهة النصرة وتنظيم داعش نادر الحدوث ويثير الريبة خصوصا أن التنظيمين يتقاتلان منذ أشهر في العديد من المناطق السورية، لكن ربما يفهم من هذا التواطؤ بعد تواتر أنباء عن الوصول إلى صيغة تفاهم أولى أو مصالحة بين النظام السوري وفصائل فلسطينية موالية له من جهة، وفصائل وقوى معارضة كانت تسيطر على المخيم من جهة أخرى بهدف تحييد اليرموك عن الصراع الدائر في البلاد!!

محصلة القول أنه عندما تعبس المدن الكبيرة يبتسم لك مخيم اليرموك، فأصبح الحاضن لكل الفصائل والقوى المتصارعة، ومن يدفع الثمن والخاسر الأكبر هم من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين العزل الذين باتوا في مرمى النيران والمواجهات والصراعات بين تنظيمي جبهة النصرة وداعش من جهة وأكناف بيت المقدس التابعة لحركة حماس من جهة أخرى، وبعد عامين من الحصار والتجويع والقتل، فما الهدف من وضع المخيم في مرمى النيران؟

هناك من يؤكد أن دخول تنظيم داعش للمخيم مؤامرة لترحيل من تبقى من اللاجئين الفلسطينيين خارج حدود المخيم، وزج المخيم في بؤرة الصراع الدامي بين الموالاة والمعارضة لنظام بشار حتى يتمكن الأخير من دك المخيم على من فيه وإجبار المتبقين منهم على الرحيل والنزوح؟!