«الولايات المتحدة - دون شك - هى التى أوصلت الإخوان إلى سدة الرئاسة، والزيارات التى كانت تقوم بها السفيرة الأمريكية السابقة آن باترسون، والسيناتور جون ماكين، ووزير الخارجية جون كيرى، ومساعده وليم بيرنز - وميول هؤلاء للصهاينة معروفة - والضغوط التى مارسوها على المجلس العسكرى هو الذى أوصل الإخوان إلى سدة الحكم، فالجماعة كانت معتمدة - فى المقام الأول - على دعم وتأييد ومساندة الإدارة الأمريكية. ألم تسمع التكبير والتهليل فى رابعة عندما أُعلِن - من منصة هذا الاعتصام - أن البارجة الأمريكية تتجه نحو السواحل المصرية؟!».
من شهادة الدكتور محمد حبيب، النائب الأول للمرشد العام السابق، فى حواره الأخطر مع الزميلين ثروت محمد وسعيد على، على صفحات «المصرى اليوم»، يومى الثلاثاء والأربعاء 7 و8 من إبريل الجارى. لماذا هى شهادةٌ توصفُ بالأخطر؟!. اقرأ معى:
أولاً: جاءت رسالة، من أمريكا، إلى الإخوان، فى عام 2005م - وكنتُ موجوداً - أن البيت الأبيض يعتبر أنه لا أمل فى نظام مبارك، وأن لدى البيت الأبيض مشروعاً للتخلص من نظام مبارك، يتلخص فى الآتى: التظاهر فى طول البلاد وعرضها، يعقب ذلك اعتقال الآلاف أو ربما عشرات الآلاف من الإخوان، يعقب ذلك تدخل الأمريكان للإفراج عن أبناء الجماعة، ثم دعمها. والذى تلقى هذه الرسالة موجود - الآن - فى أمريكا، وهو قريب من صناعة القرار فى الجماعة.
ثانياً: بعدها - أى بعد الرسالة - كلفت أمريكا شخصية كبيرة، ليتصل بى - والكلام لنائب المرشد - أفادنى بأنه فى نهاية السيناريو - يتم الإتيان بعزيز صدقى - وزير صناعة فى عهد عبدالناصر - بصفته رئيساً للجمعية الوطنية للتغيير، فى مقابل تعهدات بالحريات العامة، وتمكين المرأة، ومنح الأقباط مناصب قيادية، ثم الأهم أن يكون هناك سعى حقيقى لضمان أمن وأمان إسرائيل.
ثالثاً: بعد ذلك، أى بعد حكاية الجمعية الوطنية للتغيير برئاسة الدكتور عزيز صدقى - ظهر جوابٌ مرسلٌ من شخص إخوانى فى أمريكا إلى خيرت الشاطر، الجواب يحوى خطة التعاون، وخيرت الشاطر بدأ الاتصال بالأمريكان.
رابعاً: وصلت رسالة أخرى من أمريكا للمرشد العام مهدى عاكف، تطلب تخفيف العمليات الاستشهادية فى فلسطين، إذا كانت هناك نية من الإخوان للتعاون مع البيت الأبيض. وبعدها التقى عاكف بشخصية أمريكية بارزة، رأت أنه غير مؤهل للتعاون مع الأمريكان، لأن مزاجه انفعالى وعصبى ولا يتحكم فى تصرفاته، فكنتُ أنا البديل - والكلام لنائب المرشد - لكنهم علموا أننى لا أريد السلطة التى يساومون عليها.
خامساً: سعد الكتاتنى، وسعد الحسينى، وحازم فاروق، زاروا السفير الأمريكى فى السفارة عام 2007م. كما التقوا بالسفير الإسرائيلى هناك. بحسب ما وصلنى من معلومات. وكانت صدمة لى: تطبيع الجماعة مع إسرائيل فى السر، على خلاف ما يظهر فى العلن.
سادساً: نائب المُرشد يوجه رسالة إلى إعلامى إخوانى يعمل فى قناة الجزيرة: عيب يا [ فلان ] مايصحش الكلام ده، ما تكلمنا أفضل عن علاقتك بالمخابرات الأمريكية، وبقناة الجزيرة التى تتعامل مع البيت الأبيض.
أكتفى بهذه النقاط من شهادة نائب المرشد العام، وأسجل عدة ملاحظات:
رقم واحد: واضح إن فيه ناس كثيرين كانوا قد باعوا أنفسهم للأمريكان تحت لافتة معارضة لنظام مبارك، وواضح أن من بينها أسماء كنا نظنها بعيدة عن الشبهات، وجمعيات كنا نظن أنها تأسست عفواً وليس غرضاً.
رقم اثنين: شجاعة نائب المرشد، لا أظن أنها سوف تتكرر عند غيره ممن اتصل بهم الأمريكان، سواء منهم من قبل التعاون أو رفض، وسواء منهم من تعاون من باب التغيير أو من تعاون من باب العمالة.
رقم ثلاثة: مُخيفٌ هذا الحرص المُذل - على السلطة - عند قيادات الإخوان، هذا الحرص الذى يقودهم إلى التناقض الرهيب بين ما يعلنون من مبادئ وبين ما هم مستعدون لعقده من صفقات، مهما كانت بعيدة عن أى مبدأ.
رقم أربعة: استعداد الإخوان للتفلت والتحرر من كل الثوابت الوطنية، بما فى ذلك الاستعداد لتأمين إسرائيل، ليس صدمة فقط لنائب المرشد، لكنه صدمة كفيلة وكافية لنسف الأسس الأخلاقية للإخوان من جذورها.
رقم خمسة: أكبر عمل وطنى، يؤديه كل من كانت له مشاركة فى العمل العام خلال العقد العصف، من 2000م - 2011م، عليه واجب الشهادة ولو على نفسه.
آخرُ الكلام: كل واحد ممسوك من عرقوبه، وهذا زمان لن يفلت فيه عرقوب واحد، وغداً يعلم الحقيقة قومى، ليس شىءٌ على الشعوب بسرّ، كما يقول أميرُ الشعراء فى مسرحية «كليوباترا».
للأسف الشديد: فى العقد الأول من هذا القرن، استطاعت السفارة الأمريكية أن تستميل وتستعمل وتستوظف - ولا أقول تجنّد - طيفاً واسعاً، حتى قال لى رجلٌ خبيرٌ: شريط القبض فى السفارة الأمريكية يُفرد من إسكندرية إلى أسوان.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.