خرج عشرات الآلاف من المصلين، ظهر أمس، عقب صلاة الجمعة داخل وخارج الأراضى المحتلة، استجابة لدعوات رجال الدين إلى إعلان الجمعة «يوم غضب» عالميًا لنصرة مدينة القدس والمسجد الأقصى، وجابت المسيرات رام الله وغزة وبيروت وعمان ودمشق وطهران للتنديد بما يجرى فى القدس من انتهاكات إسرائيلية،
فى وقت تحولت فيه المدينة المقدسة نفسها إلى ثكنة عسكرية، وبدت الشوارع المحيطة بالبلدة القديمة خالية من المارة، بينما عم الإضراب الشامل جميع محافظات الضفة الغربية، بناء على دعوة من حركة «فتح»، لدعم صمود أبناء الشعب وتمسكه بمقدساته الإسلامية والمسيحية.
وبدت مدينة القدس المحتلة صباح أمس وطوال فترة الظهيرة شبه خالية من مواطنيها، لكن الهدوء الذى سادها كان مشوبا بالتوتر الذى تصاعدت حدته بين الفلسطينيين، وقوات الاحتلال الإسرائيلية، على مدار الأيام الماضية، بدعوى سعيها للسيطرة على أى اشتعال مرتقب للوضع بينهم وبين متطرفين يهود، قد يعمدون إلى تصعيد استفزازتهم بانتهاك الحرم القدسى أو اقتحام المسجد الأقصى،
ورفعت شرطة الاحتلال الإسرائيلية حالة التأهب القصوى خاصة بعد دعوة عدد من قادة مسلمين وسياسيين فلسطينيين إلى تحويل يوم أمس الجمعة إلى يوم لمسيرات غاضبة من أجل نصرة القدس والمسجد الأقصى، وذلك وسط دعوات دولية لإعادة الهدوء فى المدينة المقدسة.
وبينما يدخل المعتكفون داخل المسجد الأقصى يومهم السادس، رافضين الخروج منه للتصدى لأى محاولة لاقتحامه من قبل المتطرفين، الذى قد يتذرعون بعيد «العرش» اليهودى، بدت المدينة خارج أسوار البلدة القديمة شبه خالية من المواطنين بسبب الحصار المشدد المفروض عليها خاصة فى المناطق المقدسة من شرق القدس، إذ واجه المواطنون عشرات الحواجز ونقاط التفتيش المنتشرة، مما أعاق تنقلهم وحرية حركتهم بالسيارات، حتى المرتجلين منهم الذين كانوا يطاردون من قبل الجنود.
كما نشرت سلطات الاحتلال آلاف الجنود فى المدينة، خاصة فى القسم الشرقى، حيث البلدة القديمة، والمسجد الأقصى، وسائر المناطق المقدسة، بدعوى «التحرك بحزم ضد أى محاولة توتير للأجواء»، وقصرت دخول المسجد الأقصى على من تتجاوز أعمارهم الـ5 أعوام من الرجال، وأجازت دخوله للنساء من كل الأعمار.
وتم رفع درجة التأهب تلك وسط أنباء عن تخطيط الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، والتى تحظى بدعم وتأييد كبير بين عرب إسرائيل شمالى البلاد، لنقل آلاف من النساء المسلمات بحافلات إلى القدس، حيث لا يشملهم الحظر الذى تفرضه شرطة الاحتلال.
وكان الداعية الإسلامى الشيخ، يوسف القرضاوى، دعا من القاهرة الأسبوع الماضى كل العرب والمسلمين إلى مؤازرة الأقصى، ودفع «الخطر الصهيونى» الذى يتهدده، كما دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من قطاع غزة لإعلانه «يوم غضب»، كما دعت حركة التحرير الفلسطينى (فتح)، بقيادة الرئيس محمود عباس (أبومازن) لإضراب عام فى الضفة الغربية وغزة معا.
وزادت حدة التوترات فى القدس منذ الأحد 27 سبتمبر الماضى، عندما ثارت شائعات عشية عيد «الغفران» اليهودى، بأن متطرفين يهوداً يعتزمون اقتحام المسجد الأقصى والسيطرة عليه خلال فترة الأعياد، خاصة بعد قيام مجموعة من السائحين الفرنسيين بجولة تم تنظيمها مسبقا فى منطقة المسجد ترافقهم قوة من الشرطة الإسرائيلية.
وفى وقت حذر فيه الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز من «إشعال نار الفتنة فى القدس»، إثر المواجهات التى وقعت الأحد الماضى فى باحة المسجد الأقصى، استبعد سيلفان شالوم، نائب رئيس الوزراء، تصاعد التوتر، وهون من شأن الدعوات العربية والإسلامية، قائلا «لا أعتقد أننا نواجه انتفاضة ثالثة. من يقول هذا يحاول غرس الخوف».
فى غضون ذلك، جاب أكثر من 1000 فلسطينى مدينة رام الله، تنديدا بأحداث القدس، لكن المشاركين فى المسيرة، والمنتمين لحركة «فتح»، استغلوها أيضا لرفع شعارات التأييد لأبومازن، الذى يواجه مؤخرا انتقادات عنيفة واتهامات حادة بالتخوين من «حماس» ومسؤولين عرب، على خلفية مبادرته إلى إرجاء التصويت على تقرير «جولدستون» أمام مجلس حقوق الإنسان فى جنيف.
فى الوقت نفسه، عم الإضراب العام الذى دعت إليه حركة «فتح» جميع محافظات الضفة الغربية، احتجاجا على ما يجرى فى القدس، ولدعم صمود أبناء الشعب وتمسكه بمقدساته الإسلامية والمسيحية.