«المصري اليوم» تحاور رئيس تحرير وكالة أنباء «جيهان» التركية

كتب: خالد الشامي الأحد 05-04-2015 11:11

قال عبدالحميد بيليجي، رئيس تحرير وكالة أنباء «جيهان» التركية، التابعة لفتح الله كولن زعيم حركة «الخدمة» اليسارية، إن تركيا فقدت هيبتها ومكانتها أمام دول العالم بسبب تراجع هامش الحريات وممارسة الديمقراطية في ظل حكم أردوغان الذي يعادي معارضيه سواء في الداخل والخارج.

وأكد «بيليجي» في حواره لـ«المصري اليوم»، على هامش مشاركته في ورشة عمل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أن العلاقات بين الشعبين التركي والمصري ستظل راسخة في ظل حالة التوتر التي تشهدها البلدان بسبب دعم أردوغان لجماعة الإخوان، حيث سمح لهم بفتح قنوات فضائية تهاجم النظام المصري، وفي ذات الوقت يغلق قنوات فضائية تركية تعارض سياساته، وإلى نص الحوار..

كيف ترى العلاقات المصرية التركية في المرحلة الراهنة؟ وما تقييمك لرد النظام المصري على تصريحات أردوغان؟

العلاقات بين البلدين تزداد توترا بسبب سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي غلب عليها شن هجوم دائم على النظام المصري، ولن تعود العلاقات لسابق عهدها إلا في حال تغيير أردوغان سياساته وتصريحاته العدائية تجاه مصر، وعلى الرغم من ذلك فإن العلاقات بين الشعبين تظل بعيدة عن كلا النظامين اعتمادا على العلاقات الثقافية والفنية والسياحية.

وفي المقابل حاول الرئيس التركي السابق «عبدالله جول» التدخل في الوساطة والتهدئة إلا أن محاولاته باءت بالفشل، مما أثر على العلاقات ليس بين تركيا ومصر فحسب ولكن بين بلدان المنطقة العربية والشرق الأوسط، فمصر دولة محورية لا ينبغي معاداتها، ولم أر تصريحات عدائية من قبل النظام المصري تجاه أردوغان في الوقت الذي يحاول أردوغان استغلال أي تصريح ضده لخدمة سياساته الداخلية.

برأيك هل انخفضت شعبية أردوغان؟

إحدى الجامعات أجرت استطلاعا للرأي حول مدى رضاء الشعب تجاه سياسات أردوغان، وأسفرت النتيجة عن تأييد 41% فقط من العينة العشوائية التي قامت عليها نتيجة الاستطلاع، كما جرى استطلاع رأي آخر كشف عن موافقة نحو 20% لتحول نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي.

وماذا عن تصرفاته وسياساته في الداخل؟

يتعامل أردوغان بمنتهى الغلظة مع معارضيه الذين لا يتوافقون مع سياساته، وكان آخرها إعلان عداوته لرئيس المحكمة الدستورية لخلاف حدث بينهما، وكذلك مع اتحاد رجال الأعمال الذين أعلنوا تأييده في وقت سابق، إلا أنه أعلن الحرب عليهم، فضلا عن حركة «الخدمة» وهي من أهم الحركات السياسية، والأهم من ذلك هو معارضته لسياسات البنك المركزي، الأمر الذي تسبب في ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة التركية.

هل ترى أن هناك تغييرا حدث في شخصية أردوغان مقارنة بالفترة التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء؟

لا أرى أن هناك تغييرا حدث، فأردوغان رئيس الجمهورية هو نفسه رئيس الوزراء، وعلى الرغم من أن الدستور يلزمه بأن يكون محايدا مع جموع الشعب والأحزاب والقوى السياسة، لكن للأسف عندما يخاطب الجماهير تراه يتحدث لأنصاره من حزب العدالة والتنمية على حساب الشعب بأكمله.

وأعتقد أنه كان أكثر عقلانية في الماضي وأكثر أيدولوجيا الآن لارتباطه بحزب العدالة والتنمية، وهناك تقارير تؤكد أنه يدعم التيارات المتطرفة لكن كصحفي وليس رجل استخبارات لا أستطيع أن أؤكدها.

وماذا عن الحريات بصفة عامة وحرية الصحافة بصفة خاصة؟

لاشك أن مجال الحريات تضاءل ومنظمات المجتمع المدني تسعى للتعبير عن رأيها، على الرغم من الضغوط التي تمارس ضدها، وأؤيد تصريحات لمساعد رئيس الوزراء في الأيام الماضية في إحدى تصريحاته أن 40% من المجتمع يعارضون الحكومة، ووصل الأمر لحد الكراهية مقارنة بالماضي، وأكد أنه كلما ازدادت الكراهية فلن يستطيع الشعب أن يتمالك أعصابه.

وفي المقابل هناك اعتداء على حرية الرأي والتعبير تمثلت في حبس الصحفيين، وجرى اعتقال رئيس تحرير صحيفة «زمان» ووُجهت له تهم دعم الإرهاب واستندوا لمقال وخبرين، في الوقت الذي يدعم فيه أردوغان الإخوان، وبصفة عامة أؤكد أن الوضع يتدهور بالنسبة لحرية التعبير، وليس قمع الصحفيين فحسب بل امتد الأمر للمعارضين، ووصل الأمر لمنع عقد مؤتمر صحفي في أحد الفنادق بأنقرة، حيث تعرض صاحب الفندق لمضايقات وضغوط للمنع.

هل انحرف الحكم في تركيا عن مسار الديمقراطية؟

أؤكد أن تركيا ابتعدت كثيرا عن المعايير الديمقراطية ودولة القانون بما أثر سلبا على سمعة البلاد في المنطقة العربية والدول الإسلامية، وبوجه عام فإن سياسات أردوغان عزلت تركيا عن المنطقة.

وما تقييمك لدعم تركيا لإخوان مصر؟

هناك ازدواجية في التعامل مع هذا الملف تحديدا؛ ففي الوقت الذي يدعم أردوغان جماعة الإخوان ويسمح لهم بفتح قنوات فضائية يغلق فضائيات تركية معارضة له، وهذا كان له تأثير عكسي على البلاد، ففي عام 2008 حصلت تركيا على 151 صوتا حتى تكون عضوا غير دائمين في مجلس الأمن، مقابل حصولها على 60 صوتا عام 2014 بسبب مقاطعة الدول العربية، بما يمثل تراجعا في دورها ومكانتها.

وكيف ترى دعم تركيا للمعارضة السورية؟

حاولت تركيا في بادئ الأمر الوقوف بجانب المعارضة السورية، ولم تكن حساباتها جيدة، فقد ظنت أن نظام بشار الأسد سيسقط، وقد شكلت المعارضة المسلحة خطرا على تركيا وحملت البلاد ما لا تطيق إزاء وجود قرابة مليون ونصف لاجئ سوري بما يشكلون عبئا على الاقتصاد التركي.

وماذا عن داعش؟

لم ينتبه العالم لمجازر العنف التي ارتكبت في سوريا وفي العراق على يد «داعش» إلا بعد مشاهدة عملية ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي والياباني «كينجي غوتو» وحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، ولم تلتفت الحكومة التركية إلى هذا الأمر، على الرغم من حدوث تلك المجازر على الحدود العراقية المتاخمة للحدود التركية، رغم احتجاز القنصل العام التركي في الموصل ومعه 49 مواطنا تركيا.

برأيك هل ستحصل تركيا على عضوية الاتحاد الأوروبي؟

أيدنا الحكومة كثيرا في هذا الاتجاه، إلا أن الممارسات الحكومية في الداخل والخارج تدفع البلاد لعدم الانضمام للاتحاد الأوربي في ظل الحكم الشمولي في البلاد.

إذن هل تأثرت مكانة تركيا عالميا في ظل حكم أردوغان؟

تركيا فقدت هيبتها أمام الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي بسبب ابتعادها عن ممارسة الديمقراطية التي رسخها الرئيس الراحل تورجوت أوزال في حكمه، وهو ما دفع الشعب لتأييد أردوغان عندما أعلن أنه سيتبع سياسات أوزال، ومن الواضح أن دولة القانون التي سار فيها حزب العدالة والتنمية منذ أن تولى حكم البلاد بدأ ينحرف عن مساره ونسف كل الإيجابيات.