وسط أهوال حرب وانقسامات شعب وليالٍ توشك أن تظلم تمامًا ونهائيًا بانقطاع أخر إمدادات الكهرباء، جلست الشابة المصرية عليا جابر تكتب قصتها، بعدما انقطعت عنها طرق الخروج من براثن القتال في اليمن، واًصبحت عالقة بين جنون الجماعات المسلحة، وقذائف «عاصفة الحزم».
ربما لو كانت صينية أو حتى باكستانية لكان لها أمل في النجاة، أو هكذا تظن هي، في روايتها التي عكست فيها بكلمات عامية بسيطة معاناة العالقين المصريين في اليمن الذي كان يومًا سعيدًا.
«أنا عايشة.. أنا كويسة.. أنا تمام.. كل الموضوع بس إن أنا في بلد فيها حرب.. عادى يعني.. قاعدة في مكان فيه تفجيرات في كل حتة وعايشة مع ناس بيقتلوا بعض علشان حرب شمال وجنوب»، كلمات بدأت بها علياء، التي كتبتها في حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».
واستطردت: «في برضه حاجة حلوة، إن كل يومين كدا ييجى ناس مسلحين يهجموا على الأوتيل.. فالناس اللي قاعدين هنا، اللي برضه مسلحين، يشتبكوا معاهم، بس متخافوش عليا.. أنا صغيرة وبستخبى عادي وكمان بما إن هنا كل الناس معاها سلاح آلى وأر بى جي، فهما الحمد لله بيعلموني أشيل سلاح برضه زى ما أنتوا شايفين»، في إشارة منها للسلاح، الذي تحمله كما يظهر في الصورة التي نشرتها.
وتابعت، واصفة الأوضاع المعيشية التي تعيش فيها قائلة: «الجديد بقى إن محطه الكهربا اتقصفت وجزء من المدينة بقى مفيش فيه كهربا، فإحنا هنا في الأوتيل مشغلين الجنيراتور اللى لما الديزيل هيخلص منه هنبقى هنا من غير كهربا، يعنى من غير إنترنت.. من غير تليفونات.. من غير نور.. من غير داعي.. فياريت محدش يقلق لما يلاقى إن التليفونات مقفوله وأنا مش موجوده».
ولم تترك الشابة المصرية فرصة للإجابة على السؤال الأهم: «أنا عارفة طبعًا إن في سؤال حضرتك بتسأله بقالك كتير.. أنا (ماتنيلتش) رجعت ليه؟ أرد عليك وأقولك المطار اتقفل من 9 أيام وكل الرحلات اتلغت والمطار أصلًا اتدمر».
أما طريق العودة، فيبدو أنه يختلف بالنسبة للمصريين عن الجنسيات الآخرى، كما تكتب: «هتقولى أمال المفروض تمشى إزاي؟ أقولك الوزارة بتقول إن احنا نروح عمان أوالسعودية (أيوه نروح لوحدنا) يعنى نمشى طريق 700 كيلو على الأقل جوا اليمن.. اللي هو تقابل وأنت ماشي عصابات مسلحة على شويه حوثيين وإيرانيين على تنظيم قاعدة وداعش، (وطبعًا ماقولش إن أنا مصرية علشان هتقتل).. دا غير بقى قوات التحالف اللي بتضرب من فوق.. بس أنا عارفة إن هما هيحسوا إن في مصرية معديه تحت ومش هيضربوا في الوقت اللي بعدي فيه.. وإن شاء الله نوصل».
وبدت نبرة مرارة ممزوجة بسخرية في كلماتها التي تابعت فيها التعليق على وضعها في اليمن، حين قالت: «بس الصراحة بتبسط وأنا شايفه كل يوم كدا دولة تبعت البحرية بتاعتها تاخد الناس بتوعها، زى السعودية وباكستان والهند وتركيا والصين.. أه والله الصين.. شوف الصين فين واليمن فين؟ بس بعتوا برضه.. إحنا بقى كمصر، اللي هو الناحية التانية من بلكونه البحر الأحمر لسه مبعتناش، وأصلًا أساسًا إحنا البحرية بتاعتنا كدا كدا موجودة هنا في البحر قدامنا، بس مش علشان ترجعنا مصر حضرتك، دى علشان تأمن مضيق باب المندب، علشان باب المندب مهم.. أيوه باب المندب مهم».
واختتمت منشورها، المصحوب بصورة لها وهي تحمل سلاح آلي جالسة على رمال الصحراء: «المهم إن طالما مضيق باب المندب كويس وبخير يبقى أنا عايشة.. أنا كويسة.. أنا تمام».
ومع تفاعل رواد «فيس بوك» مع القصة، حيث أعاد نشرها أكثر من 2800 شخص، كتبت علياء على صفحتها مجددًا: «بصوا.. أنا مستحملة أي حاجة، بس مش هستحمل قلق الناس عليا وإن أنا عاملة مشاكل للناس. أبوس إيديكوا ماتقلقوش علشان أنا في إيد ربنا وهو موجود في كل مكان مصر أو يمن أو غيره وأى حاجه مكتوب إنها تحصلى هتحصل فهدوا نفسكم كدا ومتحسسونيش إن أنا سبب في قلق وزعل حد علشان أنا مش قلقانة ولا زعلانة، بالعكس أنا بحمد ربنا كل يوم إن أنا اللي في الموقف دا مش واحدة تانية غيري».