رسول الإبصار: ورسل العمى

نيوتن الثلاثاء 31-03-2015 21:44

فى «المصرى اليوم» وفى صفحتها الأخيرة وتحت مربع «دهشة» قرأت عن رسول الإبصار- وهو الدكتور «ساندوك روت»- الذى قام برد بصر مائة ألف كفيف. دُهشت. العملية معه تستغرق 5 دقائق. دُهشت أكثر. بدأت أتخيل. لو وجد هذا الطبيب لما كان حجب البصر عن كثيرين. عن طه حسين أو سيد مكاوى. أكثر الأكفّاء شهرة. جاءنى طبيب صديق يزورنى. أردت أن أحدثه فيما له شأن به. موضوع طبى. نقلت إليه دهشتى مما قرأت. للأسف كان يعلم بهذا الطبيب الذى يعيد الإبصار لأهل «نيبال».

■ ■ ■

حينئذ فاجأنى هو بدوره. هنا أدهشنى أنا. قال لى إن هذه العملية كانت تجرى فى قصر العينى عندنا منذ عشرين عاماً. كل من كان ينتهى أجله هناك كانت تستخدم أعضاؤه فى خدمة الأحياء المحتاجين. من قرنية إلى كلى. إلى كبد. إلى قلب. وهكذا. أى بعد وفاته ينقل منه ويصلح حياة من يحتاج. إلى أن قام وجيه أبوذكرى الصحفى المشهور بالأخبار بحملة «إنهم يسرقون أعضاء الموتى». فورا كان الأزهر على أهبة الاستعداد. حرم نقل أعضاء الموتى للأحياء. الأزهر يرى أن جثة المتوفى حلال على الحشرات والديدان لكنها حرام على الأحياء من مخاليق الله! أخذوا ببيت الشعر لشوقى عندما نفى من مصر وفيه قال:

«أحرام على بلابله الدوح

حلال للطير من كل جنس؟»

طوروه هم بمعرفتهم بما لا يعرفه أمثالنا ليقول:

«أحرام على أحيائه العضو حلال للدود من كل جنس؟»

■ ■ ■

عندما سردت هذه القصة على أحد الأصدقاء. بعدها بدقائق. أرسل لى قانون نقل الأعضاء. قانون صادر فى 28 فبراير 2010. أهم ما فى هذا القانون فى مادته الثامنة: يقول إن من توفى ولا يمانع فى التبرع بجزء من جسده لإنقاذ إنسان. عليه أن يوثق رغبته فى الشهر العقارى. طبعا من يموت فى حادث طريق. لن نجد وسيلة للتأكد من أنه ترك مثل هذه الوصية أم لا. فى هذه الحالة هو حلال على عجل الطريق. لكنه حرام على إنسان آخر.

طيب اعكسوها. اطلبوا التوثيق ممن يرفضون التبرع. الجميع يريد الاستزادة من الخير. بصدقة جارية. حتى لو كانت إلى حين. أتحدى لو وجدوا إنساناً ينحو هذا المنحى. الذى هلل له الشيوخ. حتى الشيخ الشعراوى هلل له. وخالفه عندما اضطرته الظروف واحتاج لإنقاذ بصره فى لندن.