قال سامح شكري، وزير الخارجية، إنه «قد مرت أعوام أربعة كاملة على بدء الأحداث في سوريا، فعندما انطلق في مهده احتجاجاً سلمياً وتعبيراً عن تطلعات الشعب السوري في حياة ديمقراطية تعددية، لم يتم التعامل معه بالأسلوب الواجب، فتحول حرباً يموت فيها أو يُشرد الأطفال والنساء وأبرياء كثيرون دون حتى أن تكون لتضحياتهم أية نتيجة»، مضيفا، أن «الحرب وبكل أسف مستمرة ولم تلح في الأفق حتى الآن بوادر انفراج الأزمة».
وأضاف «شكري»، في كلمته، أمام مؤتمر المانحين في الكويت، الثلاثاء، أن «كثيراً ما أتساءل عندما أطلع على مشاهد الأطفال القتلى والمشردين منهم واليتامى، أليس هؤلاء مثل أولادنا وأحفادنا؟، أليس لديهم تطلعات وطموحات في أن يصبحوا أعضاء فاعلين في مجتمع صحيح؟، أليس من واجبنا عليهم أن نسعى صادقين لمساعدتهم بكافة الوسائل، ولاسيما عبر العمل على إنهاء هذه الأزمة؟».
وتابع: «لقد أدى الصراع في سوريا إلى نزوح ما يقرب من نصف الشعب السوري، فبلغ عدد النازحين داخل سوريا نتيجة للصراع الدائر الممتد حالياً نحو سبعة ملايين نازح، وبلغ عدد اللاجئين لخارج البلاد حوالى 4 مليون لاجئ، فيما وصلت أعداد الضحايا إلى ما يربو عن 200 ألف قتيل، وأضعافهم من الجرحى والمصابين».
وأكد «شكري» أنه على الرغم من الأعباء الكبيرة التي يعاني منها الاقتصاد والبنية التحتية في مصر نتيجة للتطورات التي شهدتها البلاد والمنطقة في الأعوام الثلاثة الأخيرة، فإن الحكومة المصرية قد اتخذت قراراً يسمح بتقديم الخدمات العامة بشكل كامل ومجاني للأخوة السوريين، مثلهم في ذلك مثل المواطنين المصريين، حيث يحصلون على ذات الخدمات في قطاعات الصحة والتعليم، وهي القطاعات التي تحظى بدعم مالي كبير من الحكومة المصرية، حيث تقدم الحكومة خدماتها في تلك القطاعات بدون مقابل.
وأشار إلى أن مصر تعد الأعلى في معدلات التحاق اللاجئين السوريين ممن هم في سن الدراسة من بين الدول المضيفة للاجئين، مشيرا إلى أنه وصل عدد المسجلين في المدارس حوالى 39 ألف طالب، وعدد المسجلين في الجامعات بلغ 14 ألفاً في العام الدراسي الحالي، كاشفا عن أنه يبلغ العبء المالي الواقع على بند واحد من بنود الميزانية المصرية من جراء استضافة اللاجئين السوريين، وهو بند الدعم، إلى ما قيمته مليار جنيه مصري، أي ما يعادل نحو مائة وخمسة عشر مليون دولار أمريكي.
وشدد «شكري» على أنه آن الأوان للعمل بكل جدية وصدق على إخراج سوريا من محنتها، قائلا: إن «ضميرنا يلح علينا بكل تأكيد في أهمية السعي حثيثاً نحو حل سياسي حقيقي يحقق تطلعات الشعب السوري، ويؤدى إلى التغيير المطلوب، ويجنب هذا الشعب الشقيق في الوقت ذاته آفة التطرف والإرهاب المنتشر، فهذا الوضع الذي ينتج نزوحاً ولجوءاً وتطرفاً لا يمكن السكوت عليه، سواء نظرنا إليه من منظور أخلاقي أو تعاملنا معه من منطلق المصالح وحسابات الأمن القومي الفردي والجماعي بالمنطقة العربية».
وأضاف «شكري»: أنه «بعد أن بات جلياً أن الحلول العسكرية في سوريا لن تنجح كما آمنت مصر منذ البداية، وعلى ضوء هذا التحدي فقد دعونا في شهر يناير الماضي لاجتماع قوى المعارضة والشخصيات الوطنية السورية التي اعتمدت رؤية مشتركة للحل السياسي المطلوب في نقاط عشر ضمن الإطار الذي ترسمه محددات وثيقة (جنيف1)، المعتمدة في 30 يونيو 2012، وذلك بهدف الانتقال إلى مرحلة حكم جديدة في سوريا تسمح بوقف القتل وحالة الاستنزاف التي يعيشها الشعب السورى، وتحافظ في الوقت ذاته على كيان الدولة ومؤسساتها منعاً للوقوع في آتون الفوضى الكاملة».
وتابع: أنه «نزولاً على رغبة المشاركين في اجتماع القاهرة الأول، تعتزم مصر استضافة مؤتمر أكثر اتساعاً في الربيع الحالي بمشاركة القوى الوطنية السورية يعبر من خلاله المشاركون عن رؤيتهم لما يجب أن تكون عليه سوريا المستقبل، ونثق أن الدول العربية الشقيقة تبذل جهوداً في ذات الاتجاه، كما نأمل أن يقف المجتمع الدولي بأكمله داعماً للرؤية والحلول السورية والعربية لهذه الأزمة التي طال أمدها على نحو لم يعد معه ممكناً أن يتحمل السوريون أكثر من ذلك».
وأشار «شكري» إلى ما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسي، في افتتاح القمة العربية في شرم الشيخ، في 28 من الشهر الجاري، أن انعقاد القمة تحت عنوان التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي إنما يمثل تعبيراً عن إدراكنا لضرورة أن نتصدى لتلك القضايا دون إبطاء وتأجيل، من خلال منهج يتسم بالتوازن والمصداقية عبر أدوات ذات تأثير وفاعلية.