واشنطن تدعم السعودية فى اليمن وتحارب مع إيران فى العراق

كتب: اخبار الجمعة 27-03-2015 21:48

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها عملية «عاصفة الحزم» العسكرية، التى تقودها المملكة العربية السعودية مع دول خليجية وعربية وإسلامية فى اليمن. شمل هذا الدعم التعاون اللوجيستى والاستخباراتى مع المملكة، وتأييد موقفها المساند لشرعية الرئيس عبدربه هادى، وهذا الموقف ينطلق من حسابات المصالح الأمريكية المتعلقة بضرورة مساندة المملكة، باعتبارها حليفا استراتيجيا، وأنه لا بديل عن هذا الخيار، خاصة أن استمرار تحركات الحوثيين العسكرية على الأرض، وانهيار العملية السياسية فى اليمن سيترك تداعيات سلبية فى المستقبل على أمن الولايات المتحدة، التى تعتبر مواجهة تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية إحدى أولوياتها، ناهيك عن تمدد داعش إلى داخل اليمن.

تقييم واشنطن

راقبت الولايات المتحدة الأمريكية الموقف فى اليمن عن كثب، منذ بداية الأزمة، خاصة بعد التحركات التى قام بها الحوثيون، فى فبراير 2014، بالهجوم على محافظة عمران، بعد انتهاء يوم واحد من انتهاء مؤتمر الحوار الوطنى، وظلت الأجهزة والمؤسسات الأمريكية تتابع الموقف وتنخرط بشكل أكثر، بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء ودفعهم الرئيس اليمنى، فى يناير 2015، إلى إعلان استقالته التى تراجع عنها فيما بعد، وفى ضوء مراقبة الموقف، اتخذت الإدارة الأمريكية عددا من الخطوات وفق تقييمها للوضع، شملت ما يلى:

1- الانفتاح المحدود على الحوثيين: وضعت تحركات الحوثيين على الأرض واشنطن فى مأزق، فمن ناحية يبدو أن حركة أنصارالله الحوثية تمتلك عناصر قوة مَكَّنتها من الاستيلاء على العديد من المدن والبلدات اليمنية، فى ظل الدعم الذى قدمه الموالون للرئيس السابق على عبدالله صالح، وفى ظل إدراك محورى أن معركة واشنطن الأساسية هى مع تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية، الذى يتخذ من اليمن ملاذاً آمنا له، اضطرت الولايات المتحدة إلى إجراء اتصالات مع الحوثيين، على مسارين، الأول: تنسيق استخباراتى غير مباشر مع المقاتلين الحوثيين، بعد استيلائهم على صنعاء، يتعلق بالعمليات التى تشنها الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة، وقد أشارت تقارير صحفية أمريكية إلى أن هذا التنسيق تم عبر وسطاء.

والثانى: تمثل فى استضافة أحد ممثلى الحوثيين فى واشنطن، ففى نوفمير 2014، قام شخص من الحوثيين، يدعى على العميد، بزيارة واشنطن، لحضور البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، يهدف إلى تعزيز الحوار، للترويج لدعم الاقتصاد اليمنى، وشارك فى ورشة عمل مع باحثين من مجلس الأطلسى Atlantic Council تعتبر أول مناسبة يتحدث فيها أحد الحوثيين أمام الأكاديميين والصحفيين فى واشنطن والترويج لمواقف الحركة. وتفسير هذا الانفتاح المحدود أن الولايات المتحدة أرادت أن تترك الباب مفتوحا مع الحوثيين، تحسباً لأى تطورات فى المستقبل، وهو السيناريو الذى حدث فى السابق مع الإخوان فى مصر، الذين بدأوا معها اتصالات مبكرة جداً، قبل سنوات من وصولهم للسلطة.

2- التحرك للحفاظ على الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين: أَجْلَت واشنطن موظفيها والعاملين فى السفارة الأمريكية فى صنعاء، ثم أَجْلَت العسكريين الأمريكيين من اليمن، بعد سيطرة الحوثيين على قاعدة العند.

هذه الخطوة اتخذتها الإدارة الأمريكية تحت ضغط الظروف، ومنها ما أشار إليه العديد من الصحف الأمريكية إلى أن مقاتلى الحوثيين حصلوا على ملفات سرية عسكرية حساسة جداً أثناء مداهمتهم أحد مقار الاستخبارات اليمنية، تتعلق بالعمليات العسكرية ضد تنظيم القاعدة، وشبكة عملاء الاستخبارات الأمريكية، وتم تسريب هذه المعلومات إلى إيران.

دعم العملية

أصدر البيت الأبيض بياناً، فى وقت متأخر مساء يوم الأربعاء 25 مارس الجارى، عبرت صياغته عن دعم واضح للتحركات السعودية، وتكمن دوافع هذا الموقف فى الأسباب التالية:

1- دعم الحليف السعودى: الإدارة الأمريكية أرادت من هذا الموقف إظهار الدعم للمملكة العربية السعودية، وذلك على عكس الموقف الذى تبنته من العملية العسكرية التى قامت بها مصر بشن هجمات ضد مواقع تنظيم داعش فى ليبيا، فالإدارة لم يكن لديها خيار آخر، فالحوثيون بالنسبة لها لا يمثلون قوة مؤثرة لدعمهم، كما أن تبنى الإدارة موقفا مناهضا لموقف المملكة، وإن كان أمرا غير وارد، إلا أنه يعنى أن الإدارة ستضع نفسها فى توتر مع النظام الجديد فى المملكة.

2- توازنات المصالح الإقليمية: دعم الولايات المتحدة التحركات السعودية يرتبط بالإطار الأوسع للموقف الأمريكى المرتبط بالوضع فى المنطقة، فإدارة أوباما الداعمة للسعودية فى اليمن تدعم مواقف إيران بشكل غير مباشر فى العراق، ففى الوقت الذى كانت فيه المقاتلات السعودية تقصف الحوثيين فى اليمن، كانت المقاتلات الأمريكية تقصف تنظيم داعش فى تكريت، وتقدم غطاء جويا للمقاتلين الشيعة والعسكريين الإيرانيين الذين يقاتلون فى العراق، وأيضا كان المفاوضون الأمريكيون يسعون للوصول إلى اتفاق نهائى مع إيران بشأن برنامجها النووى فى جنيف.

3- الحفاظ على حرية الملاحة فى الممرات المائية: الموقف الأمريكى الداعم للسعودية يرتبط فى جزء منه بالسعى لتأمين حرية المرور فى الممرات المائية بالمنطقة القريبة من العمليات العسكرية، فباب المندب ومضيق هرمز من أهم الممرات الملاحية فى العالم، ناهيك عن أن التحركات العسكرية للحوثيين، قبل عملية الحزم، كانت تنذر باحتمالات إتاحة الفرصة أمام إيران للسيطرة على هذين الممرين.

4- تفادى انهيار الاستراتيجية الأمريكية ضد تنظيم القاعدة وداعش: رغم ما ذكرته الصحف عن تنسيق أمريكى حوثى، فإن دعم السعودية يضمن لواشنطن الاستمرار فى استراتيجيتها، لمواجهة تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية.

5- منع تكرار نموذج وصول جماعة مسلحة للسلطة فى الإقليم: تدخل المملكة العربية السعودية عسكرياً ضد الحوثيين بدأ مباشرة، بعد محاولتهم الاستيلاء والسيطرة على عدن، وعدم دعم الولايات المتحدة لتحرك المملكة العربية السعودية كان سيترك انطباعا بأنها تدعم ممارسات الحوثيين، الأمر الذى قد يفتح المجال مستقبلاً أمام الحركات المسلحة فى المنطقة لتكرار ما قام به الحوثيون.