أشعلت زيارة عدد من الأقباط إلى القدس، لزيارة الأماكن المقدسة، خلافات حادة بين عدد من رموز ونشطاء الأقباط، وتباينت المواقف حول زيارة القدس، تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلى، وفيما تمسك فريق بموقف البابا شنودة، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية الراحل، الذي أكد رفضه زيارة الأقباط للمدينة إلا مع إخوانهم المسلمين، حتى لا ينفرد جزء من الشعب باتخاذ هذا الموقف، وتبنوا موقف البابا تواضروس الثانى، البطريرك الحالى، الذي جدد رفض الكنيسة للزيارة، اعتبر فريق آخر الزيارة تمثل دعماً معنوياً للشعب الفلسطينى وكسراً لعزلته، خاصة أن بعض الشخصيات الإسلامية، ومنهم مفتى القدس، محمد حسين، دعوا إلى زيارة المدينة لتأكيد هويتها العربية والإسلامية ومنع محاولات تهويدها.
في السطور المقبلة، تجرى «المصرى اليوم» مواجهة بين ممثلى وجهتى النظر، الناشط ناجى وليم، والمستشار نجيب جبرائيل. وفيما شدد وليم على أن «التطبيع الذي جرى بين مصر وإسرائيل حكومى، ولم يرتق إلى المستوى الشعبى كاملاً، ولا يصح أن ينفرد جزء من الشعب، وهم الأقباط، بهذا التطبيع من دون إخوانهم المسلمين»، قال جبرائيل: «زيارة القدس دعم معنوى وكسر لعزلة الشعب الفلسطينى».
ناجى وليم: أماكن العائلة المقدسة في مصر بديل عن الزيارة.. ويجب تنفيذ وصية البابا
قال الناشط القبطى ناجى وليم، إن الأقباط المصريين يرفضون زيارة القدس، لأن كنائس مصر التي تقدست بزيارة العائلة المقدسة تجعل منها مزاراً عالمياً، مشدداً على ضرورة تنفيذ وصية البابا شنودة بعدم زيارة القدس.
وأضاف وليم: إذا كان هناك التزام أدبى بعدم زيارة القدس تقديراً للموقف الوطنى للكنيسة القبطية، فإن هذا يعنى عدم فرض عقوبات كنسية على المسافرين، لأن المسافر في هذه الحالة خرج عن الإجماع الوطنى ولكنه لم ينكر الإيمان، لأن تعاليم الدسقولية واضحة وقاطعة في حرمان الذي ينكر الإيمان، وبالتالى السفر للقدس ﻻ يعنى، بأى حال، إنكاراً للإيمان.
وتابع: «ﻻ شك أن الأماكن التي زارتها العائلة المقدسة في مصر هي أماكن ذات قيمة روحية وتاريخية، وتنافس الأماكن الموجودة في القدس، ولكن المشكلة أن وزارة السياحة لم تسلط الضوء الكافى على أماكن زيارة العائلة المقدسة واكتفت بحفل روتينى بقصد الشو الإعلامى، دون أن يكون هناك برنامج سياحى ينافس برامج القدس.
وأشار إلى أن إسرائيل مارست ضغوطاً على البابا شنودة، لإثنائه عن دوره الوطنى، ولكن البابا شنودة كعادته كان قاطعاً وحازماً ولم يرضخ للتهديد أو الوعيد، وظل حتى النفس الأخير يفخر بأماكن زيارة العائلة المقدسة، وأكد في أكثر من موقف للعالم أن القدس في مصر وليس إسرائيل.
وأكد وليم أن البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، شدد على رفضه زيارة بعض الأقباط القدس، معتبراً أنه لا يجوز أن ينفرد جزء من الشعب بالتطبيع، وقال إن «التطبيع الذي جرى بين مصر وإسرائيل حكومى، ولم يرتق إلى المستوى الشعبى كاملاً، ولذلك لا يصح أن ينفرد جزء من الشعب، وهم الأقباط، بهذا التطبيع من دون إخوانهم المسلمين».
وأوضح أن قرار منع الأقباط من السفر صادر عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ومازال ساريا ويجب عقاب من يخالف القرار بالمنع من التناول أو الشلح.
وعن سماح الكنائس الأنجيلية والكاثوليكية لأتباعها بالسفر، قال إن ذلك يرجع لعدم ارتباطهم بالكنيسة الأرثوذكسية التي تمتلك أديرة زارتها العائلة المقدسة، موضحاً أن أتباعهم يشكلون قوام أغلب الرحلات التي تزور القدس وتدعم التطبيع.
وطالب وليم جموع الأقباط بالخضوع للكنيسة وزيارة الأماكن الدينية في مصر، مثل دير المحرق وغيره من الأديرة التي شهدت إقامة العائلة المقدسة ٣ سنوات، بالإضافة لمزارات تمتد من العريش، مروراً بكل أنحاء مصر في الدلتا والصعيد.
نجيب جبرائيل: الزيارة كسر لعزلة فلسطين وخلافاتنا مع السعودية لم تمنع حج المسلمين
قال المستشار نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، إن قضية ذهاب المسيحيين للقدس تثار كل عام قبل عيد القيامة بسبب رغبة الأقباط في التبرك بزيارة الأماكن المقدسة التي عاش وتربى فيها السيد المسيح، لأن البعض يعتبرها من الخطوط الحمراء، فيما يعتبرها البعض الآخر نوعاً من التطبيع، معتبراً زيارة القدس دعماً معنوياً وكسراً لعزلة الشعب الفلسطينى الشقيق.
وأضاف جبرائيل: هناك تربص بالأقباط الذين يحجون لزيارة الأماكن المقدسة في مدينة القدس الشريفة، فهناك رموز فلسطينية إسلامية دعت العالم العربى لزيارة القدس، والوقوف أمام عمليات تهويد المدينة، فالمقاطعة تؤثر سلباً على الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الشعب الفلسطينى مثل السجناء ويجب زيارتهم ودعم اقتصادهم، من خلال الإقامة في أماكن مملوكة للفلسطينيين أو فنادقهم والتعامل مع التجار الفلسطينيين فقط، موضحاً أن الموقف الحالى أشبه بمن يساعد الجلاد بدعوى مساندة الضحية.
وتابع: «من الممكن زيارة الأماكن المقدسة من خلال الأردن عبر جسر الملك الحسين دون الحصول على تأشيرات إسرائيلية، وسيتم رفع توصية للقمة العربية بشرم الشيخ لاتخاذ قرار بزيارة القدس وباقى المدن الفلسطينية، لرفع الحرج عن المؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية مثل الأزهر والكنيسة القبطية».
وأوضح أن الكنيسة الأرثوذكسية تمنع السفر إلى إسرائيل منذ عهد البابا الراحل شنودة الثالث، الذي أصدر قراراً بمنع الأقباط من الحج إلى كنيسة القيامة، ومن أقواله المأثورة في هذا الشأن: «الأقباط لن يسافروا إلى القدس إلا بصحبة إخوانهم المسلمين»، مؤكداً أنه رغم رحيل البابا شنودة إلا أن القرار مازال سارياً، ويصر البابا الحالى تواضروس الثانى على استمرار المنع، معتبراً أن السفر بمثابة تطبيع مع إسرائيل.
وقال جبرائيل إن الكنيسة تحرّم السفر للقدس بتأشيرات إسرائيلية، والقرار تسير عليه الكنيسة منذ ثلاثة عقود، وهناك أقباط كبار في السن يتوقون لزيارة الأماكن المقدس، خاصة أنه كان هناك الآلاف يزورون القدس كل عام قبل قرار البابا شنودة الثالث.
وأضاف: «من حق الأقباط زيارة أماكنهم المقدسة خاصة في أسبوع الآلام لرؤية النور المقدس الذي يخرج في سبت النور، وكذلك الأماكن التي تربى فيها السيد المسيح وعاش على الأرض، فرغم الخلافات الشديدة التي كانت تظهر في بعض الأحيان بين مصر والسعودية لم تمنع مصر الحجاج من زيارة الأماكن المقدسة الإسلامية».