فارس النيل

سحر الجعارة الخميس 26-03-2015 21:27

حين قال رئيس وزراء إثيوبيا «هايلى ماريام دسالين»، خلال كلمته فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، إن: (المصير واحد، إما أن نغرق سوياً أو ننهض سوياً، وإننا اخترنا النهوض سوياً).. كان يعلم جيدا أن المشهد السياسى قد تغير تماما، وأن وجود الرئيس «عبدالفتاح السيسى» على رأس الحكم فى مصر قد أنهى عصر البلطجة السياسية، فالرئيس يدير معاركه السياسية للحصول على حصة مصر العادلة من مياه النيل وفقا للاتفاقات الدولية، ولما تقتضيه المصالح المشتركة لمصر وإثيوبيا والسودان.. على العكس من بلاهة «مرسى» وعصابته.

حين جاء «السيسى» إلى الحكم انسحبت أهم الدول الممولة للسد الإثيوبى: ورغم ذلك لن تتخلى إسرائيل عن نفوذها العسكرى والاقتصادى داخل دول حوض النيل، أملاً فى الضغط عليها، لتصبح «المياه» هى عنوان الحرب التى تخطط لها فى أفريقيا!

لقد خاض «السيسى» وإدارته معركة سياسية ودبلوماسية، بدأت بمباحثات مع رئيس الوزراء الإثيوبى «هايلى ماريام دسالين»، فى غينيا الاستوائية، خلال انعقاد قمة مؤتمر الاتحاد الأفريقى.. وانتهت بتوقيع اتفاق المبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان.. والذى يعد بداية إنهاء الأزمة وليس نهايتها.

فمصر تدرك أن «سد النهضة» سيوفر ما تعانيه إثيوبيا من نقص فى توليد الكهرباء، وهذا حقها، لكن هذا لا يبرر ملء 4 سدود فى إثيوبيا بـ200 مليار لتر من المياه، مما يمنع عن مصر من حصتها فى المياه لعامين كاملين!!

(لا مانع لدى مصر من تنمية الشعب الإثيوبى، لكن خلِّى بالك أن المياه تأتى بأمر من الله ويعيش عليها شعب مصر، فهى مصدره الوحيد للحضارة).. هكذا قال «السيسى» بعفوية وإيجاز.. فالنيل هو مصدر الحياة لـ90 مليون مصرى.

وبالتالى جاء إعلان المبادئ الخاص بـ«سد النهضة» لتوفير أرضية صلبة لالتزامات وتعهدات تضمن التوصل إلى اتفاق كامل بين مصر وإثيوبيا والسودان، حول أسلوب وقواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوى، بعد انتهاء الدراسات المشتركة الجارى إعدادها.

كما يتضمن الاتفاق 10 مبادئ أساسية تحفظ فى مجملها الحقوق والمصالح المائية المصرية، وفقا لمبادئ القانون الدولى.

لقد نجح «السيسى» فى استعادة ثقل مصر العربى والأفريقى، وانتصر لسياسة دعم «الثقة» وإحداث توافق مشترك لمواجهة التحديات دول حوض النيل أو أفريقيا، مثل الفقر والبطالة، بالإضافة إلى قضايا السلم والأمن ومكافحة الإرهاب.. وهذا يعيدنا إلى أرضية «وحدة الهدف والمصير».

«السيسى» يقود سياسة «لم الشمل» كبديل لحالة التفكك والضياع التى تعيشها المنطقة.. ويدرك جيدا خطورة افتعال خصومة أو معركة عسكرية فى العمق الأفريقى لمصر.

تبددت هواجس المصريين من «الموت عطشا»، لكن الأهم أن «السيسى» يواجه ما يكمن خلف السد من حركات انفصالية وكيانات صهيونية تهدد الأمن القومى المصرى.. وتلك هى المعركة الحقيقية.

s.gaara@almasryalyoum.com